وقد ظهر ممّا ذكرنا وجه كون ما ذكرنا من التقسيم أنسب ممّا ذكره المصنف ، مضافا إلى سلامته عمّا يرد على كلامه ، وهو من وجوه :
الأوّل : أنّ اعتبار التكليف في المقسم في قوله : اعلم أنّ المكلّف ... لغو ، فإنّه لا مدخليّة له في الأقسام ، فالواجب أن يقول : اعلم أنّ الإنسان ... ، اللهم إلّا أن يقال إنّه لإخراج المجنون والصبيّ بناء على عدم الاعتداد باستنباط الصبيّ حتى في حقّ عمل نفسه.
الثاني : أنّ جعل المقسم مطلق المكلّف ممّا لا يصحّ ، لشمولاه المقلّد ، ومعلوم أنّه ليس من أهل الاستنباط حتى يرجع إلى الأدلّة والأصول ، فلا بدّ من تقييده بالمجتهد.
وقد أجيب عن ذلك بأنّ المقلّد أيضا مكلّف بمؤدّى الأدلّة وإجراء الأصول كالمجتهد ، لكن لمّا عجز عن تشخيص ذلك قام المجتهد مقامه فكان نائبا عنه ، وحينئذ لا يحتاج إلى التقييد بالمجتهد ، بل هو مخلّ بالمقصود.
وفيه أوّلا : أنّه يلزم أن يكون المجتهد مستنبطا لحكم ظنّ المقلّد وشكّه ، ولا ريب في فساد ذلك ، إذ المناط ظنّ المجتهد وشكّه قطعا ولا اعتبار بظنّ المقلّد وشكّه ، فلو كان المجتهد ظانّا والمقلّد شاكّا فالحكم بمقتضى الظنّ الحاصل للمجتهد ، اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ المجتهد نائب عن المقلّد حتى في كونه ظانّا أو شاكّا ، لكن مرجع ذلك أيضا إلى التقييد بالمجتهد كما لا يخفى ، والحاصل أنّ المقلّد ليس محلّا للأقسام بوجه ، بل وظيفة المقلّد الرجوع إلى ما يفتي به المجتهد في حكم عمله بمقتضى الدليل أو الأصول التي يعملها المجتهد في مواردها.
ومن هنا يعلم أنّ الأقوى في التخيير الثابت في الخبرين المتعارضين