ويكفينا للاستشهاد على ذلك ماجاء على لسان «المحقق الحلي» في كتاب الشرائع في بحث آداب القضاء والذي يعتبر في الواقع عصارة ما ورد في الروايات الإسلامية وكلمات الفقهاء.
حيث يقول : يستحب للقاضي رعاية عدّة امور :
١ ـ أن يطلب من أهل ولايته من يسأله عمّا يحتاج إليه في أمور بلده (أي يتعرف على عادات الناس واوضاعهم الاقتصادية ، وأن يتعرف على العلماء والصالحين وحتى القضاة السابقين ليحصل على بصيرة كافية في عمله ، إذ إنّ الاطلاع بأوضاع المنطقة والمحل والثقافة الحاكمة على الناس ، له تأثير بالغ في مسألة القضاء والحكومة العادلة).
٢ ـ أن يسكن عند وصوله في وسط البلد حتّى ترد الخصوم عليه وروداً متساوياً.
٣ ـ وأن يُنادى بقدومه إن كان البلد واسعاً ولا ينتشر خبره فيه إلّابالنداء.
٤ ـ أن يجلس للقضاء في موضع بارز ، مثل رحبة أو فضاء ليسهل الوصول إليه (لا خلف الأبواب المغلقة محاطاً بالحرس).
٥ ـ أن يبدأ بأخذ ما عند الحاكم المعزول من حاجات الناس وودائعهم ، لأن نظر الأول سقط بولايته. (وقد كانت العادة في تلك الأزمنة أن يودع الناس ودائعهم عند الحاكم ، وكذا الأموال المتنازع فيها).
٦ ـ لو حكم في المسجد ، صلّى عند دخوله تحية المسجد ، ثم يجلس مستدبراً القبلة ليكون وجوه الخصوم إليها (ليستشعر الخصوم أنّهم في محضر الله).
٧ ـ ويسأل عن أهل السجون ، ويثبت أسماءهم وينادي في البلد بذلك ليحضر الخصوم ويجعل لذلك وقتاً فإذا اجتمعوا أخرج اسم واحد واحد ، ويسأله عن موجب حبسه ، وعَرَض قوله على خصمه ، فإن ثبت محبسه فوجب اعادته ، وإلّا اشاع حاله بحيث إن لم يظهر له خصم اطلقه.
وكذا يسأل عن الأوصياء على الأيتام ، وأمناء الحاكم ، والحافظين لأموال الأيتام (الذين يليهم الحاكم) فيعزل الخائن ، ويستبدل به الصالحين بحسب ما يقتضيه رأيه.