فهذه المجازاة الثلاثية للقاذف ، ذكرت لتطهير المحيط الاجتماعي وحفظ احترام وكرامة الناس ، وللحد من اشاعة الفحشاء والفساد ، كما أنّ هناك بعض الشروط والخصوصيات والاستثناءات ذكرت في الروايات الإسلامية.
٤ ـ حدُّ المحارب
وردت في القرآن المجيد مجازاة ثقيلة لأولئك الذين يحاولون الاخلال بأمن المجتمع ، وأولئك الذين يتعرضون بالأسلحة لأنفس وأموال وأعراض الناس ، وهذهِ الشدَّة والصرامة في المجازاة إنّما هي لردع الأشرار ، يقول تعالى :
(إِنَّما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرضِ فَسَادَاً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصلَّبوا أَو تُقَطَّعَ أَيْديِهمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ). (المائدة / ٣٣)
والمقصود من المحارب ، وكما أشرنا أيضاً ، هو الشخص الذي يحمل السلاح ويتعرض لأموال الناس وأعراضهم وأنفسهم بالسلاح ، سواء أكان ذلك من قطّاع الطرق أو من أهل المدن أو من الأشقياء الذين يتعرضون للناس بالسكّين والأسلحة الباردة فيعتدون على أنفس الناس وأموالهم ونواميسهم ، والملفت للنظر أنّ القرآن عدَّ هولاء من المحاربين لله ولرسوله صلىاللهعليهوآله وهذا دليل على اهتمام الإسلام الفائق بالحريات والأمن الاجتماعي وحقوق الناس.
وهناك كلام بين الفقهاء والمفسرين في أنّ هذه الأنواع الأربعة من الحدود المذكورة في المحارب ، هل هي على التخيير وبإمكان القاضي أن ينتخب أيّها شاء ، أم أنّها معينة ولكنها تختلف باختلاف الجناية التي يرتكبها المحارب؟ فمثلاً المحارب الذي يقتل الأبرياء ، جزاؤه الاعدام ، والذي يتجاوز على أموال الناس فجزاؤه أن تقطع أصابعه ، وإن ارتكب الجنايتين معاً فجزاؤه الاعدام والصلب لاعتبار النّاس ، وإن شهر السلاح فقط في وجه الناس وأرعبهم بدون أن يرتكب جناية أخرى ، فإنّ جزاءَهُ النفي عن بلده ، ولا مجال