(وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ* فَلَمَّا آتَاهُمْ مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَولَّوْا وَّهُمّ مُعرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِى قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوْهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ* أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الغُيُوبِ). (التوبة / ٧٥ ـ ٧٨)
يعتقد كثير من المفسرين أنّ هذهِ الآيات نزلت في شأن أحد الأنصار واسمه «ثعلبة بن حاطب» ، لقد كان هذا الرجل فقيراً ، يأتي إلى المسجد دائماً ويطلب من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يدعو الله أن يعطيه مالاً كثيراً ، فكان النبي صلىاللهعليهوآله يقول له : «قليلٌ تؤدّي شُكْرَهُ خيرٌ من كثير لا تُطيقُهُ» ، ولكن ثعلبة كان يصرُّ ويلِحُّ على النبي صلىاللهعليهوآله ، ويُقسم بأنّه سيؤدّي كل ما عليه من حقوق فيما لو أعطاه الله المال الكثير ، فاضطر النبي صلىاللهعليهوآله إلى أن يدعو الله أن يعطيه مالاً كثيراً.
لم تمض فترة طويلة إلّاومات ابن عمّ ثعلبة وكان غنيّاً ، فورث ثعلبة ثروة طائلة ، وكانت ثروته تزداد يوماً بعد آخر ، فصار يملك قطعاناً من الأنعام.
وعندما حان موسم الزكاة بعث الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله الجباة لجمع الزكوات ، فلم يمتنع ثعلبة الذي ذاق لتوّه لذَّة المال عن دفع الحق الإلهي فحسب ، بلْ أخذ يُشكل على أصل تشريع الزكاة أيضاً! وادّعى أنّها «شبيه الجزية» التي تؤخذ من أهل الكتاب! (عاد مأمور رسول الله صلىاللهعليهوآله صفر اليدين ، فنزلت الآيات المذكورة أعلاه في ذمِّ ثعلبة وبخله ونفاقه ونقضه العهد!).
نزول هذهِ الآيات بنفسه يُعدُّ تعزيراً شديداً في حقه ، لأنّها فضحت افعاله القبيحة.
وطبقاً لبعض الروايات فإنّ ثعلبة ومن أجل استعادة حيثيته وجبر هذهِ الخسارة الاجتماعية الفادحة ، جاء بنفسه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأعلن عن استعداده لدفع زكاة أمواله ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوآله رفض قبولها منه!
رَحَل رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى جوار ربّه ، فجاء ثعلبة ثانية إلى الخليفة الأول ليؤدّي زكاة ماله ، فلم يقبلها منه الخليفة الأول!
وفي زمن الخليفة الثاني والثالث جاء ثعلبة ليدفع زكاة أمواله ، فكان جواب كل منهما له