أنّه لم يكن في عصر النبي صلىاللهعليهوآله سجن بشكل رسمي ، لا لأنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يكن يُجوِّز ذلك ، بل لعدم اتساع المجتمع حينذاك وخاصة في بداية الإسلام حيث كان الناس يلتزمون بالقوانين الإلهيّة ، وقلّما كان يوجد شخص متخلف عن تلك القوانين.
ولذا لا نرى في القرآن الكريم عبارة أو جملة واحدة تدل على وجود السجن في ذلك العصر مطلقاً.
ولكن وفي نفس الوقت كانوا يستعينون بطرق اخرى بالنسبة إلى المجرمين الذين لابدّ من توقيفهم حتى يتعين التكليف فيهم ، أو المَدينين الذين يمتنعون عن أداء ديونهم مع امتلاكهم المال اللازم لذلك ، أو الأسرى الذين يؤسرون في حروب المسلمين ، ومن جملة تلك الطرق :
١ ـ كان المجرمون يحبسون أحياناً في المسجد ، ولّما لم يكن في ذلك الوقت قفلٌ وقيدٌ ونحو ذلك ، كانوا يوكلون شخصاً لمراقبة ذلك السجين كي لا يفَّر من المسجد ، أو أنّهم كانوا يخطُّون دائرة حوله ويوصونه بعدم اجتياز ذلك الخط المستدير ، وإلّا فهو مسؤول عن ذلك! والمتهم أيضاً ولأسباب اجتماعية خاصة ولأجل أن لا يتضاعف عقابه ، لم يكن يتخطى ذلك الخط المرسوم حوله ، ولعلَّ التعبير «بالترسيم» في بعض الروايات إشارة إلى هذا المطلب.
٢ ـ الحبس في دهليز المنازل إذ إنّ أكثر المنازل كان لها دهليز طويل بين باب الدار وباحتها وفي أكثر الأحيان كان لها باب يفصلها عن باحة الدار ، فلو اغلقت البابان تحوّل الدهليز عملياً إلى سجن.
٣ ـ نفس المنازل كانت نوعاً آخر من السجون ، وكما ورد في القرآن الكريم الأمر بحبس النساء في المنازل ، يقول تعالى : (وَالَّلَاتِى يَأْتينَ الْفَاحِشَةَ مِن نَّسَائِكُمْ فَاستَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ اربَعَةً مِّنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَامْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمُوتُ اوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً). (النساء / ١٥)
ولا يخفى أنّ هذا الحكم كان قبل نزول حدِّ الزنا ، وعندما نزل ، نسخ الحكم المذكور.