على النظام الطبقي للمجتمع فلا تعود هناك ضرورة لأي حكومة ، إذ يعتقدون أنَّ الدولة والحكومة إنّما تُساعد على الحفاظ على منافع الطبقة الرأسمالية وحسب ، وعندما يتمّ القضاء على هذه الطبقية فلا يبقى سبب لوجود الحكومة.
ولكن من الواضح أنّ كل ذلك إنّما هو محض خيال وأوهام لا وزن لها في ميزان العقل والمنطق ، ذلك أنَّ الوصول إلى حالة عدم وجود الطبقية في العالَم ، أو أن يكون كل البشر في مستوى معاشي واحد ، إنّما هو حُلُمٌ وخيال لا أكثر وخاصة في الوضع الحالي الذي تمرّ به المجتمعات البشرية.
ولو فرضنا أننا يمكننا الوصول إلى مجتمع كهذا والقضاء على النظام الطبقي والحكومي الحافظ لهذا النظام ، تبقى الحاجة إلى برنامج دقيق ومديرية ضرورية للوصول إلى التقدّم العلمي والصناعي والحفاظ على السلامة الاجتماعية والنظام والحرية وتأمين الغذاء والسكن وسائر الاحتياجات. فهل يمكن مثلاً الاستغناء عن وزارة التربية والتعليم في سبيل وضع برنامج صحيح لغرض تعليم وتربية الشباب؟ وهل يمكن بدون وجود وزارة الصناعة الحفاظ على العوامل الصناعية؟ وهل بالإمكان ردّ العدوان والهجوم الأجنبي دون وجود وزارة الدفاع؟ ولو افترضنا عدم حدوث حرب في العالم ، فهل يمكن إيجاد النّظم في المجتمع الإنساني مع غياب قوى الأمن في ذلك المجتمع؟
على أيّة حال فإنّ هذه المسألة تعتبر من البديهيات وهي أنَّ المجتمع الإنساني لا يمكنه العيش بسلام دون وجود الحكومة ولو ليوم واحد ، وحتى الذين لا يؤيدون هذه القاعدة لم يصلوا إلى أيّة نتيجة ورجعوا خائبين.
صحيح أنَّ الحكومات المستبدّة والظالمة هي التي تكون بؤرة للفساد ومنبع البؤس على طول التاريخ للبشرية ولا تزال ، ولكن لوحدث وتهدّم النظام القائم لهذه الحكومات وتأخر تشكيل حكومة اخرى تخلف تلك الحكومة ليوم أو أكثر ، وفي حالة غياب الحكومة ، فستكون النتيجة لذلك ، الهرج والمرج وحالة من اللاأمن والتدهور وإزدياد الشَغَب في جميع البلاد ، وسنرى أنَّ وجود الحكومة الظالمة أفضل بكثير من غيابها.