الإيجابية والبنّاءة في حياة البشر بما فيها الحضارة والتقدّم والكمال والعلوم والفنون والصناعات المختلفة ، كلها نابعة من بركة الحياة الاجتماعية والعمل المشترك والتعاون فيما بين البشر في المجالات المتعددة.
فما لَمْ تنَضَّم الطاقات الفكرية والبدنية البسيطة بعضها إلى البعض الآخر ، فلا مجال لوجود الحركات والانبعاثات العظيمة في المجتمع بأي حال من الأحوال ، وببساطة : لو إنفصل الإنسان عن المجتمع فسيكون كالحيوان ، فمن جهة نجد الرّغبات والآمال الداخلية والحياة الاجتماعية التي تهبه كل تلك القدرة والإمكان للتقدم والتطوّر نحو الأفضل ، ومن جهة اخرى بما أنّ الحياة الإنسانية في داخل المجتمع على الرغم من أنّ كل تلك الآلاء والنَّعم لا تخلو من النزاع والمنافسة ليس بسبب غلبه الأنانية وحب الذّات فقط ، بل لاشتباه الكثير من أفراد المجتمع في تشخيص الحدود والحقوق فيما بينهم ، لذا فإنّ دور القوانين هنا يكون ضرورياً لتحديد حقوق الأفراد وسَدّ الطريق أمام التعدّيات والتجاوزات اللامشروعة.
كذلك فإنّ هذه القوانين لا يمكن أن تؤثر لوحدها في ردع الاعتداءات والنزاعات إلّاإذا انبرى إلى تنفيذها أفرادٌ يُعتمد عليهم في المجتمع ، وبعبارة اخرى ، فالحكومة وحدها تستطيع أن تعزّز القوانين وتنفذها في المجتمع وتحول دون انتشار الفساد وسفك الدماء والاعتداء على حقوق الآخرين ـ ولو بصورة نسبية.
ولذلك نرى الأقوام البشرية ومنذ القِدمَ سعتْ إلى إيجاد حكومة لها.
ثانياً : لو افترضنا أنّه يمكن للناس العيش بسلام بدون حكومة (وهو مُحال بالطبّع) ، فلا يمكن على أية حال الوصول إلى التقدّم والكمال في العلوم والمعارف والصناعات ومختلف الشؤون الاجتماعية دون وجود برنامج دقيق ومديرية عالمة ، وهذه هي أشكال اخرى للحكومة.
ومن هذا المنطلق فإنّ جميع العُقلاء في العالم يؤكدون على ضرورة تشكيل الحكومة للمجتمعات البشرية إلّاما يُرى نادراً في كلمات بعض المؤيدين للشيوعية من أنّه لو قُضيَ