التعبير الذي قلناه سابقاً ، ذلك أنّ الحكومة هي أبرز انموذجٍ للقدرة.
وقد ذكر العلّامة الطباطبائي في ذيل هذه الآية
فهل يمكن الوصول إلى هذه القدرة من دون استلام الحكم (١)؟
وقد ورد هذا المعنى في تفسير القرطبي بشكل أوضح حيث يفسّر جملة (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ) بالامراء وأصحاب الحكومة (٢).
وطبيعي أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المذكور في هذه الآية وكما ورد ذلك في مختلف البحوث الفقهية ، يلزم لتنفيذه مراحل عِدّة ، واحدى هذه المراحل يختصّ بالحكومة وتشكيلها.
٢ ـ ورد في القرآن الكريم ما يتعلّق بحكومة الصالحين حيث تقول الآية : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِى الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِنَنَّ لَهُم دِيِنَهُمُ الَّذِى ارتَضَى لَهُم وَلَيُبدِّ لَنَّهُم مِّن بَعدِ خَوفِهِم أمناً يَعبُدُونَنِى لَا يُشرِكُونَ بِى شَيئاً). (النور / ٥٥)
وفي هذه الآية وبعد أن وعد الله المؤمنين الصالحين باستخلافهم وتسليمهم مقاليد الحكم ، عقَّب قوله ببعض العبارات وهي في الواقع أهداف هذه الحكومة ، أوّلها : التمكين والقدرة للدين الإلهي وتحكّمه على المجتمع ، والاخرى : إزالة حالة اللاأمن وتبديله إلى الأمن والاستقرار الاجتماعي الكامل والعبادات الخالية من كل أنواع الشّرك ، وعلى هذا فإنَّ أهداف الحكومة طبقاً لذلك هي كما يلي :
١ ـ سيادة الدّين والقوانين الإلهيّة على كلّ المجتمع.
٢ ـ نشر الأمن والاستقرار الكاملين في كلّ مكان.
٣ ـ إخلاص العبادة لله وحده وإزالة كلّ آثار الشرك والوثنية.
والواقع أنّ الهدف الأصلي لكلّ ذلك هو كمال الإنسان والسيّر نحو الله سبحانه ، وأنّ الأمن والاستقرار وتحكيم القوانين الإلهيّة إنّما هي مقدمة للوصول إلى ذلك.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ١٤ ، ص ٣٨٦.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ٧ ، ص ٤٤٦٥.