العلميّة والثّقافيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة من المسلمين بين صفوف الحجّاج يتشرفون بزيارة بيت الله الحرام ، وفي طول المدّة الّتي يقضونها في مكة والمدينة وسائر المشاهد والمواقف يلتقي بعضهم بالبعض الآخر فيتبادلون العلوم والمعارف والمعلومات والأخبار فيما بينهم.
وفي الآونة الأخيرة وبعد وقوف المسلمين على أهميّة هذا الاجتماع المعنوي العظيم نجد أنّ علماء الدّول الإسلاميّة المختلفة يعقدون المؤتمرات المصغرة والموسعة على هامش مؤتمر الحجّ العظيم ، فيلتقون ويتبادلون العلوم والمعارف والثّقافات عن هذا الطريق.
يذكر القرآن الكريم جملة مختصرة في بيان فلسفة الحجّ حيث يقول : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ). (الحج / ٢٨)
وللمفسرين كلام طويل في تفسير معنى كلمة (منافع) ولكن من الواضح أنّهُ لا يوجد حدٌّ لمفهوم هذا اللفظ ، فيشمل كلّ المنافع والبركات المعنويّة والماديّة والنّتائج السّياسيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة.
وقد سأل الرّبيع بن خيثم الإمام الصّادق عليهالسلام عن تفسير هذه الكلمة ، فبيّن له الإمام عليهالسلام أنّها تشمل المنافع الدنيويّة والأخرويّة (١).
وفي رواية أخرى عن الإمام الصّادق عليهالسلام يجيب فيها هشام بن الحكم عن فلسفة الحجّ ، فيشير الإمام عليهالسلام إلى عدّة أبعاد مهمة ، منها تعرف مسلمي العالم بعضهم على البعض الآخر ، ثُمّ المنافع الاقتصاديّة ، ثُمّ إيجاد كثير من مجالات العمل في إطار موسم الحجّ ثم يشير عليهالسلام إلى آثاره الثّقافيّة ويقول : «ولِتُعْرَفَ آثارُ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله وتُعْرَفَ أخْبارُهُ ويُذْكَرَ وَلا يُنْسى» (٢).
وعلى أيّة حال ، فلو أنّ أحداً دقّق وتأمل في جزئيات مراسم الحجّ ، وخاصة إذا شاهد تلك المراسم عن قرب ، فإنّه سيقف على أهمّية البعد الثّقافي والتّربوي للحجّ بنحو يقل نظيرُهُ.
__________________
(١) تفسير نور الثّقلين ، ج ٣ ، ص ٤٨٨.
(٢) وسائل الشيعة ، ج ٨ ، ص ٩ ، ح ١٨.