«جهاد» ، إذ إنّ الكائن الحي يواجه دائماً في طريق استمرار حياته ، بعض الموانع والصعوبات التي تهدد كيانه في كل لحظة ، وإذا لم يكن مجهزاً بقوة دفاعية فسوف ينهزم بسرعة.
وجسم الإنسان وهو «عالَمٌ صغير» يتجلى فيه العالم الأكبر ، هذا الجسم نموذج بارز لهذه المسألة ، وذلك لأنّ حياة الإنسان مهددة دائماً بخطر التلوث «بالميكروبات» و «والفايروسات» التي ترد البدن عن أربعة طرق (التّنفس ، الأكل ، الشّرب ، والجلد إذا ما أصيب البدن بجراحات) ، فلو لم يكن بدن الإنسان مزوداً بالقوى الدفاعية المجهّزة ، لابتلي بأنواع الأمراض الخطيرة التي تشلُّ حركته وتقتله.
نعم ، فكريات الدّم البيضاء تهب لمواجهة أي عدو خارجي يرد البدن ، وتجاهده عن طريق حروب فيزيائية وكيميائية ، وحتى لو انتصر العدو مؤقتاً ومرض الإنسان ، تستمر تلك الكريات بدفاعها حتى تتغلب على العدو وتؤمّن السلامة الكاملة للبدن.
وعدد هذه الخلايا الدفاعية الموجودة في بدن الإنسان يصل إلى عدّة ملايين كما يقول العلماء ، وعند ملاحظة عمل هذه القوى يحتار عقل الإنسان حيث تحكي عن نكات عجيبة من أسرار الخلقة تجعل الإنسان يضطر للركوع أمام قدرة الخالق عزوجل.
والمجتمع الإنساني والدّول المختلفة غير مستثناة عن هذا القانون العام ، وتحتاج إلى إدامة حياتها واستمرارها لقوى عسكرية مجهّزة ومتطورة.
وبعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن الكريم.
ففي القرآن الكريم آيات عديدة في مجال الجهاد وفلسفته وأحكامه ، وكذلك آثاره ونتائجه ، وقد إنتقينا إحدى عشرة آية من بين تلك الآيات :
١ ـ (اذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِانَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ اخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ). (الحج / ٣٩ ـ ٤٠)
٢ ـ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَاتَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ فَإِنِ انْتَهَوا فَإِنَّ اللهِ بِمَا يَعمَلُونَ بَصِيرٌ). (الأنفال / ٣٩)