«هذا من تمام حسن الصُحْبَة أن يُشيِّعَ الرَجُلُ صاحِبَهُ هُنَيْئةً إذا فارقهُ ، وكذلك أمَرَنا نبيّنا».
فقال له الذّمي : هكذا؟ قال : نعم.
فقال له الذّمي : لا جَرَم إنّما تبِعَهُ مَنْ تبعه لأفعاله الكريمة ، وأنا أُشهدك أنّي على دينك.
فرجع الذمّي مع عليّ عليهالسلام ، فلمّا عرفَه أسْلَم (١).
٣ ـ ونقرأ في حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال :
«من ظَلَمَ معاهداً وكلّفَهُ فوق طاقته فأنا حَجيجَهُ يومَ القيامة» (٢).
٤ ـ وجاء في كتاب «الخراج» لأبي يوسف أنّ «حكيم بن حزام» شاهد «عياض بن غنم» وقد حبس قوماً من أهل الذمّة في الشّمس لمّا امتنعوا عن إعطاء الجزية (وكان يريد أن يضيق عليهم ليضطرهم لدفع الجزية) فقال له حكيم : ما هذا يا عياض ، لقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول :
«إنَّ الذينَ يعذّبونَ النّاس في الدنيا يُعَذَّبونَ في الآخرة» (٣).
وقد كان هذا الأمر معروفاً بين المسلمين إلى درجة أنّهم نقلوا أنّ أحد ولاة عمر بن عبد العزيز واسمه «على بن أرطأه كتب له بأنّ قوماً عندنا لا يدفعون الخراج مالم يجبروا على ذلك بالضرب والإيذاء! فكتب له عمر بن عبد العزيز : عجيب حقاً أن تطلب مني أن أجبرك بتعذيب النّاس ، أتريد أن تجعلني درعاً أمام عذاب الله ، وتظن أن إذني ينجيك من عذابه!؟ فإذا جاءك كتابي فمن دفع خراجه وإلّا حلّفهُ على عجزه عن دفع الخراج ، واكتفِ بذلك الحلف.
ثم يضيف : وأيم الله إنّه لأحب إليّ أن ألقى الله يوم القيامة وهؤلاء لم يدفعوا الخراج من أن ألقاه وقد عذّبْتُهُمْ (٤).
وكما تلاحظون فإنّ الوارد في الحديث هو «تعذيب وإيذاء الإنسان» وهذا يدلّ على أنْ
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٤١ ، ص ٥٣.
(٢) فتوح البلدان ، البلاذري ، ص ١٦٧.
(٣) الخراج ، ص ١٢٤.
(٤) الخراج ، ص ١١٩.