٣ ـ وأمّا ما يتعلّق بالحكومات الإلهيّة فقد وردت آيات قرآنية كثيرة تبحث ذلك ، يقول القرآن الكريم عن لسان داود : (قَالَ رَبِّ اغفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكاً لَّايَنبَغِى لِأَحَدِ مِّن بَعدِى إِنّكَ أَنْتَ الوَهّابُ). (ص / ٣٥)
ونتبيّن من الآيات التي تلت هذه الآية أنّ دُعاء سليمان عليهالسلام كان قد استُجيبَ ووهبه الله حكومة لم يسبق لها مثيل ، فقد كانت الرِيح تجري بأمره ، وسخَّرَ الله له الشياطين والعفاريت ، وكان يستفيد حتى من الطيور في إنجاز بعض أعماله.
ويقول القرآن الكريم متحدثاً عن آل إبراهيم : (فَقَد آتَينَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَآتَينَاهُم مُّلكاً عَظِيماً). (النساء / ٥٤)
وتشمل كلمة (آل إبراهيم) : بني اسرائيل ويوسف وداود وسليمان وغيرهم).
ويذكر القرآن الكريم (طالوت) ، أحد ملوك بني اسرائيل المعروفين وعلى لسان نبيّ ذلك الزمان (شموئيل) قائلاً : (وَقَالَ لَهُم نَبيُّهُم إِنَّ اللهَ قَد بَعَثَ لَكُم طَالُوتَ مَلَكاً). (البقرة / ٢٤٧)
ويُقصَدُ بذلك أنّ هذه الهبة قد وهبها الله سبحانه لطالوت.
ولكن بني اسرائيل الذين لم يكونوا على علم واطّلاع كاملين بأمور الحكومة الإلهيّة ، عارضوا هذا الانتخاب واعتبروا أنفسهم أفضل منه لاستلام ذلك المنصب لأنّ طالوت كان رجلاً قروياً ، فلم يكن صاحب مال ولا عشيرة معروفة ، لكن نبيّهم رفع تلك الشبهة بقوله : (إِنَّ اللهَ اصطَفَاهُ عَلَيْكُم وَزَادَهُ بَسْطَةً فِى العِلْمِ وَالجِسْمِ وَاللهُ يُؤتِى مُلكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). (البقرة / ٢٤٧)
وقد اشير في سورة النساء إشارة واضحة إلى حكومة النبي صلىاللهعليهوآله وآله بقوله : (أَم يَحسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ فَقَد آتَينَا آلَ إِبرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَآتَينَاهُم مُّلكاً عَظِيماً). (النساء / ٥٤)
كانت تلك لمحة حول بعض أنواع الحكومات المذكورة في القرآن الكريم ، والآن نبدأ بنقد ودراسة كل نوع من تلك الحكومات الثلاث :
* * *