النيران ولم يرحم منهم لا شيخاً ولا طفلاً رضيعاً) ، وما كان ذنبهم إلّاأن آمنوا بالله العزيز القّهار : (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُم الّا انْ يُؤمِنُوا بِاللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ). (البروج / ٨)
ويضمّ التاريخ بين صفحاته الكثير من هذه الوقائع التي مارستها الحكومات المستبدة والتي كانت تُعامل شعوبها كالعبيد ، بل أدنى من ذلك أيضاً ، وقد أشار القرآن في عدّة مواطن إلى مثل تلك الحكومات ، ولذلك كان أحد أهم الأهداف لثورات الأنبياء عليهمالسلام محاربة الاستبداد وإنقاذ الشعوب من براثن المستبدّين.
٢ ـ ونرى كذلك بعض الآيات القرآنية الشريفة التي تشير إلى حكومة الشورى ، أو كما هو المصطلح عليه بحكومة الشعب للشعب ، وإن لم يكن هذا المصطلح واضحاً كما عليه اليوم.
نطالع في قوله تعالى وفيما يخصّ قصة (سليمان عليهالسلام) مع (بلقيس ـ ملكة سبأ) : لما وصلت رسالة سليمان إلى بلقيس جمعت الأخيرة مستشاريها وبدأت معهم بالتحدث عن مضمون تلك الرسالة قائلة : (يَا أَيّها الْمَلَوُاْ أفتُونِى فِى أَمْرِى مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ). (النحل / ٣٢)
ومن المتيقّن أنّه لم تكن في ذلك الزمان انتخابات ولا آراء شعبية ، لكن مع وجود مثل هذه الحالة عند الملكة وهي الالتزام بالشورى في سير الأمور والبتّ فيها فذلك يدّل على وجود حكومة الشورى نوعاً ما.
إضافة إلى ذلك فإنّ مسألة الشورى هي احدى المسائل التي تتضمنها البرامج الإسلامية وتؤكد عليها في الامور الاجتماعية والحكومية عامة ، وكما يذكر القرآن الكريم واصفاً المؤمنين الحقيقيين بقوله : (وَأَمْرُهُم شُورَى بَيْنَهُم). (الشورى / ٣٨)
بل حتى أنّه أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بالمشورة مع المؤمنين حيث يقول القرآن مخاطباً الرسول صلىاللهعليهوآله : (وَشَاوِرهُم فِى الأَمرِ). (آل عمران / ١٥٩)
ومع أنّ حكومة الرسول صلىاللهعليهوآله كانت من نوع الحكومات الإلهيّة ، إلّاأنّه صلىاللهعليهوآله كان يُؤمر بمشاورة الناس لتبقى حكومته ذات صبغة شعبية.