ولكن في الحقيقة أنّ غير المسلمين أربعة أصناف ، إذ يوجد مضافاً إلى الصنفين المذكورين صنف ثالث وهم «المعاهدون» (وهم الذين يرتبطون بالمسلمين بعهدٍ وميثاق وإن كانوا يعيشون خارج المحيط الإسلامي ولم يكونوا أقليّة) و «المهادنون» وهم غير الأصناف الثّلاثة ، بل هم قوم يعيشون في بلادهم ولا يزاحمون المسلمين.
وفي دنيا اليوم ، يوجد لهذه الأصناف الأربعة مصاديق واضحة :
١ ـ الأقليات التي تعيش داخل الدّول الإسلاميّة ، والتي تشملها قوانين تلك الدّول ، وتكون الحكومات الإسلاميّة ملزمة بحفظ أموال ودماء ونواميس أفراد هذه الأقليات والدّفاع عن حقوقها ، وهؤلاء يدفعون بعض الضّرائب للحكومة الإسلاميّة ، ويمكن اعتبارها بمقام «الجزية» لأنّ «الجزيّة» كما ذكرنا مأخوذة من «الجزاء» بمعنى الشيء الذي تأخذه الحكومة الإسلاميّة كأجرٍ أو معونة للدّفاع عنهم ، وهؤلاء هم «أهل الذمّة».
٢ ـ بعض الدّول «كإسرائيل» و «أمريكا» الذين يحاربون المسلمين اليوم ، ولا يتورعون عن أي عدوان ضدهم ولا يُقصرون في إيذائهم ، فهؤلاء كفرة حربيّون ، لَسْنا ملزمين بأي تعهد في قبالهم.
٣ ـ هناك شعوب غير مسلمة تربطهم معنا علاقات صداقة ، ونتبادل معهم السّفراء ، ونعقد معهم أحياناً بعض المعاهدات الإقتصاديّة والتجاريّة والثّقافيّة ، أو نلتزم بمقررات معينة فيما بيننا من خلال المنظمات الدّولية وكل هؤلاء مصاديق «للمعاهدين» وعلينا أنّ نتعامل معهم بما تقضيه الإلتزامات التي تربطنا معهم بشكل مباشر أو غير مباشر (عن طريق المنظمات العالمية) وأن نرعى الإحترام المتبادل فيما بيننا.
٤ ـ وهناك بعض الدّول التي ليست في حالة حرب معنا ، ولا معاهدة لنا ، ولا يوجد بيننا سفراء ، ولا تربطنا بهم مواثيق ، ولكن لا يزاحموننا ولا نحن نزاحمهم ، فعلينا أنْ نراعي الأصول الإنسانيّة والأخلاقيّة معهم ، وهؤلاء هم (المهادنون).
وممّا ذكر أعلاه ، يتضح لنا أنّ «أهل الذمّة» هم فقط ذلك الصنف من أهل الكتاب الذين يعيشون داخل الدّول الإسلاميّة ، وأنّ أحكام الجزية أو عدم التّظاهر بالمعاصي والذنوب