كان خلافة رسول الله صلىاللهعليهوآله والتي تعتبر فدك جزءاً منها ، ولو أراد هارون ارجاع فدك لكان يجب عليه أن يتخلى عن الخلافة ، ممّا أشعره أنّ الإمام إذا ما وصل إلى حالة من القوّة لفعل ذلك وسيتولى الخلافة حتماً ، لذا عزم على قتله (١).
الغرض ، هو أنّ المسائل ذات العلاقة ببحث الإمامة لها رابطة مع المسائل ذات العلاقة بالحكومة وقيادة المسلمين ، وهذا أمر بديهى ولا يقبل أي شك أو شبهة ، ونرى هذا الارتباط واضحاً في كل مكان ويتجلى بوضوح في الروايات الإسلامية وفى تاريخ سيرة وحياة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله والأئمّة الأطهار عليهمالسلام وفي طبيعة الأحكام الإسلامية.
ولقد اجملت مباحث الفقه الإسلامي في ثلاثة أقسام هي : قسم «العبادات» وقسم «المعاملات» ، وقسم «السياسة».
ويعتبر قسم (السياسة) والذي هو من الأبواب الفقهية المهمّة ويشتمل على مسائل عدّة مثل (الجهاد ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، القضاء والشهادات ، والحدود والديّات والقصاص) جزءاً من المسائل المتعلقة بالحكومة ، إذن لا يمكن إجراء أقسام الجهاد وبعضاً من مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكذلك القضاء والشهادات وتنفيذ الحدود والقصاص بدون وجود الحكومة على الاطلاق.
وترسم كذلك المسائل المرتبطة بالانفال والخمس والزكاة والأراضي الخاصة بالخراج ، الخطوط العريضة لجزء مهم من الحكومة باعتبارها الدعامة الأساسية لإقامة بيت المال الإسلامي.
وعلى هذا فقد امتزجت المسائل السياسية والحكومية بالفقه الإسلامي بشكل كامل بحيث لا يمكن وضعها موضع التنفيذ دون تشكيل الحكومة.
كل ذلك شاهد جلي على أنّ الإسلام ليس بمعزل عن الحكومة والسياسة ، وقد نفذت المسائل المتعلّقة بالحكومة والسياسة ـ والتي تعنى بإدارة نظام المجتمع ـ في التعاليم الإسلامية بصورة لو أردنا أن نفصل بينها لا يكون للاسلام معنىً ومفهومٌ ، والذين يحاولون
__________________
(١) الزهراء سيدة نساء العالمين ، ص ١٣٠.