«لا يَسْتغنِي الْعاقِلُ عَنِ الْمُشاوَرَةِ» (١).
والسببُ في ذلك واضحٌ أيضاً ، وجاء ذلك في تعبير جميل ورد في بعض الروايات عن الإمام علي عليهالسلام في هذا المجال إذ قال :
«حَقّ عَلى العاقِلِ أنْ يُضيفَ إلى رَأيِهِ رَأيَ الْعُقَلاءِ وَيَضُمَّ إلى عِلْمِهِ عُلُومَ الَحُكَماءِ» (٢).
وجاءَ في حديث آخر أيضاً عن الإمام علي عليهالسلام أنّه قال :
«من شاورَ ذوي العقول استضاءَ بأنوار العقولِ» (٣).
وبناءً على ذلك ، فالمشاورة هي السبب في إضافة عقول الآخرين وعلومهم وتجاربهم إلى عقل المرء وعلمه وتجربته ، إذ إنّ الإنسان في هذه الحالة قليلاً ما يقع في الخطأ والانحراف. والاحاديث الواردة في هذا المجال كثيرة جدّاً ، ونختتم هذا البحث المختصر بحديث آخر عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وحديث عن الإمام علي عليهالسلام.
قال النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله :
«لا مظاهرةَ أوثقُ من المشاورةِ» (٤).
وقال الإمام علي عليهالسلام :
«شاور ذوي العقولِ تأمنْ من الزَّللِ والنَّدم» (٥).
وهناك ملاحظة أخرى جديرة بالإشارة إليها ، إذ ليس من الضروري أن يكون مستوى الذين نشاورهم أرفع درجةً من المشاورين أنفسهم ، والدليل على ذلك مشاورة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله لأصحابه ، ولربما نجد أفراداً بسطاء يمتلكون من العقل والفطنة الفطرية ما يجعل مشاورتهم تحل الكثير من المعضلات ، كما ورد ذلك في حديث عن الإمام علي بن موسى الرّضا عليهالسلام ، إنّه دار الحديث ذات مرّةٍ في مجلسه عليهالسلام عن أبيه المعصوم عليهالسلام فقال : «إنَّ الله
__________________
(١) غرر الحكم.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ١٠٠.
(٥) غرر الحكم.