غايتك ، ولا تشاور حريصاً فإنّه يزيّن لك شَرَهاً» (١).
كما ورد النّهي في الروايات أيضاً عن مشاورة الأفراد الحمقى والجهلاء والكذّابين.
ويُستفاد ممّا تقدم أنّ المستشارين ـ وخاصة في الأمور المهمّة ـ يجب أن يكونوا من الأذكياء ، والعقلاء ، والمحسنين ، وذوي التجربة ، والصادقين ، والأمناء ، والشجعان والأسخياء ، وإن فقدان أو زوال كل واحدة من هذه الصفات يوجب وهن وتخلخل أركان واسس المشاورة.
وعلى سبيل المثال ، عندما يكون المستشار فرداً أحمقاً وجاهلاً ، فإنّه سيقلب الحقائق للإنسان ، وبالشكل الذي ورد ذكره في الأحاديث ، فإذا أراد أن يُحسن إليك فسوف ينقلب عليك شراً! ولو كان جباناً فإنّه سيحول دون الإقدام المناسب والحزم في الأمور ، فتذهب تلك الفرصة السانحة ، ولو كان كذّاباً ـ وكما تعبّر الروايات عنه ـ يقرّب إليك البعيد ، ويبعّد عنك القريب ويشبه في ذلك السراب الذي يخدع العطاشى في الصحراء ، ولو كان بخيلاً يحول دون أعمال الخير ويخوّفك دائماً من الفقر وعسر الحال ، ولو كان قليل التجارب أو عديمها ، فإنّه سيؤدّي إلى العبث وإفشال البرامج والمناهج البنّاءة ، ولو كان حريصاً فإنّه سيدعوك إلى ممارسة الظلم والعدوان لكي يطفيء بذلك نار الحرص (٢).
ومن خلال ما تقدم ذكره من الملاحظات يجب أن نتوخى الحذر الشديد في اختيار من نستشيرهم ، وخاصة في المسائل الاجتماعية المهمّة التي تأخذ بنظر الاعتبار حقوق الآخرين ، وأن تؤخذ المعايير الآنفة الذكر بنظر الاعتبار بشكل دقيق.
وهناك ملاحظة أخرى جديرة بالذكر أيضاً ، إذ إنّ المشاورة في الإسلام تؤدّي إلى إيجاد الحق بمعنى أنّ الشخص المستشار إمّا أن لا يقبل المشاورة ، أو يقبلها ولكن بشرط أن يراعي حق أداء الأمانة في ذلك ، وأن يجعل بين يدي من استشاره ما يرى فيه الخير والصلاح ، وبغير ذلك فإنّه يعد «خائناً»! ، والخيانة في المشاورة تعدّ من كبائر الذنوب.
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٧٠ ، ص ٣٤.
(٢) إن جميع ما ذكر أعلاه تقريباً ورد في الروايات المختلفة.