ونقمة ، وترغب فيما يقربك إلى الله في عاقبة.
وقد ذكرنا (١) أن أمّ سلمة تمنت بعض ما يقوم به الرجال من العبادات : نحو الجهاد وأشكاله ؛ فنزل النهي عن ذلك ، والترغيب في فضله في نوع ما تحتمل هي من الخيرات ، دون الذي يفضل عليهن بالرفع عنهن ، والله أعلم.
وفي قوله ـ أيضا ـ : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ ...) الآية ـ يحتمل أن يكون على ما خاطب [رسول الله](٢) صلىاللهعليهوسلم بقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ...) [طه : ١٣١] الآية ؛ فأخبر أن الذي أعطى ـ لم يعط للكرامة ؛ ولكن ليفتنهم به ، والعقل يأبى الرغبة فيما يفتن به دون ما يكرم به ، ثم بيّن الذي هو أولى بالمشتهي من التمني ، فقال : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا) فرغب فيما له ، وأمر (٣) بالسؤال من فضله ؛ إذ لا يكون كسبه له إلا بفضله : كقوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) ، ثمّ قال الله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) [النور : ٢١] فبين أن كسبه عليه إلا بفضل الله ، وبين أن الأولى به الإقبال على ما له عاقبته ، والتضرع إلى الله ـ تعالى ـ بالإكرام دون الذي عليه في ذلك ؛ خوف المقت ، [والله أعلم](٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ)
مثله ؛ فإن فضله واسع ، ولا يتمنى مال أخيه وداره.
أو اسألوا الله ـ تعالى ـ العبادة ، ولا تتمن ألا يكون لأخيك ذلك ، ويكون لك ، ثم أخبر أن ما يكون للرجال إنما يكون بالاكتساب ، وما يكون للنساء يكون بالاكتساب ، يكون لكلّ ما اكتسب من الأجر وغيره.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ)
احتمل هذا ـ والله أعلم ـ أن يكون معطوفا ، مردودا إلى قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ) الآية ، ذكر ـ هاهنا ـ ما يرث الرجال والنساء من الوالدين والأقربين ، ولم يذكر ما يرث الوالدان من الأولاد والأقربون بعضهم من بعض : من نحو العم ، وابن العم ، وغيرهم من القرابات ؛ فذكر ـ هاهنا ـ ليعلم أن للمولى من الميراث مما ترك الوالدان والأقربون ما لأولئك من الوالدين والأقربين إذا لم يكن أولئك أن جعل لهؤلاء ما جعل لأولئك ، ولم يذكر ـ أيضا ـ ما للوالدين من
__________________
(١) في ب : ذكر.
(٢) في ب : رسوله.
(٣) في أ : وأما.
(٤) سقط من ب.