وقيل : هو من ضرب اليمين في اليمين ، وهو المبايعة ؛ كان الرجل يعاقد الرجل ويبايعه في الجاهلية ، فيموت ؛ فيرثه.
وقيل : إن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ عاقد رجلا ، فمات ؛ فورثه ؛ ولذلك خص المماليك بالذكر بهذا من قوله ـ تعالى ـ : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) لأنهم يشترون للخدمة ، والمرء إذا خدم نفسه إنما يخدمها بيمينه ، فإذا كان تأويل الآية ما ذكروا ، فهو منسوخ بقوله ـ عزوجل ـ : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) [الأنفال : ٧٥] وبما روينا من الخبر من قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا حلف فى الإسلام ، وما كان من حلف فى الجاهليّة لم يزده الإسلام إلا شدة» (١) ويحتمل أن تكون الآية فيمن أسلم على يدي آخر ووالاه ؛ على ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أسلم من أهل الكفر على يدي رجل من المسلمين فهو أولى النّاس به محياه ومماته».
وروي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا سأل عن رجل أسلم على يد رجل ويواليه ؛ قال : هو مولاه ؛ فإن أبي فلبيت المال.
وروي عن مسروق قال : أتيت عبد الله فقلت : إن رجلا كان عاملا علينا فخرج إلى الجبل ، فمات ، وترك ثلاثمائة درهم؟ فقال عبد الله : هل ترك وارثا أو لأحد منكم عليه عقد ولاء؟ قلت : لا ؛ فجعل ماله لبيت المال. وكذا (٢) يقول أصحابنا ـ رحمهمالله ـ : من مات وترك وارثا فما له لوارثه ، وإن لم يكن له وارث فللذى أسلم على يديه ووالاه ؛ لما روينا من الخبر : «هو أولى النّاس به محياه ومماته» (٣) ، وقوله : «محياه» في العقل ، و «مماته» في الميراث ، وما روينا عن الصحابة ، رضوان الله عليهم أجمعين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) قيل : هي الوصية إلى
__________________
(١) تقدم.
(٢) في ب : وكذلك.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٤ / ١٠٣) ، والترمذي في الفرائض (٣ / ٦١٣) باب ميراث الذي يسلم على يدي الرجل ، (٢١١٢) ، وقال : هذا الحديث لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن وهب.
وأبو بكر بن أبي شيبة (١١ / ٤٠٨) (١١٦٢٢) ومن طرقه ابن ماجه (٤ / ٣٠٤ ، ٣٠٥) في الفرائض باب : الرجل يسلم على يدي الرجل (٢٧٥٢).
وسعيد بن منصور في سننه (١ / ٩٩) (٢٠٣) ، والدارقطني في سننه (٤ / ١٨١) (٣١).
والدارمي في الفرائض (٢ / ٣٧٧) باب في الرجل يوالى الرجل ، والطبراني في الكبير (٢ / ٥٦) (١٢٧٢ ، ١٢٧٣).
وصححه الحاكم في المستدرك (٢ / ٢١٩) جميعا عن تميم الدارى مرفوعا.
وقال الخطابي في معالم السنن (٤ / ١٠٤) : وضعف أحمد بن حنبل حديث تميم الداري هذا وقال : عبد العزيز راويه : ليس أهل الحفظ والإتقان.