واللعين : هو الممنوع عن الإحسان والإفضال.
وقيل : هو الطريد (١) ، أي : طردوا من رحمة الله وإفضاله وإحسانه.
قال : الطاغوت : هو اسم اشتق من الطغيان : كالرحموت والرهبوت ، من الرحمة والرهبة ، ونحو ذلك ، سمي به كل من انتهى في الطغيان غايته ، حتى استحل أن يعبد هو دون الله ، فهو طاغوت ، وعلى ذلك [تأويل](٢) قوله ـ تعالى ـ : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ) أي : بعبادة كل من عبد دون الله.
وقيل : هم مردة أهل الكتاب.
وقيل : هو الشيطان.
وقيل : الصنم ، وذلك كله يرجع إلى ما ذكرت.
وقيل في ذلك : كاهن ، وقد سمي جبتا.
وقيل في الجبت : السحر ، فإن كان الجبت السحر فهو على ما قال : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ...) الآيات [البقرة : ١٠٢] ، وأي شيء مما ذكرت قد كانوا آمنوا بذلك ، فعيرهم الله ـ تعالى ـ وسفّه أحلامهم بالإيمان بمن ذكرت ، ومظاهرتهم على ما لهم من الأتباع على رسول الله رب والعزة (٣) صلىاللهعليهوسلم بعد علمهم بموافقته ـ عليهالسلام ـ رسلهم وتصديقه بكتبهم ؛ وعلمهم بعدول أولئك عن هذه الرتبة ؛ بغيا وحسدا ، وكان في إظهار ذلك عليهم بيان الرسالة ، وإعلام أتباعهم تحريفهم كتب الرسل ، وإبداء ما في قلوبهم من الحسد ؛ لتزول الشبهة عن الأتباع ، وتظهر المعاندة في المتبوعين ، ولا قوة إلا بالله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) اختلف فيه :
قيل : لو كان لهم نصيب من الملك فإذن لا يؤتون الناس نقيرا من بخلهم ، وقلة خيرهم (٤).
__________________
ـ عبدة الأوثان على الذين آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم يجري مجرى المكابرة ، فمن يعبد غير الله كيف يكون أفضل حالا ممن لا يرضى بمعبود غير الله؟ ومن كان دينه الإقبال بالكلية على خدمة الخالق والإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة ، كيف يكون أقل حالا ممن كان بالضد في كل هذه الأحوال؟
(١) انظر : البحر لأبي حيان (٣ / ٢٨٤) ، والمحرر الوجيز (٢ / ٦٧) ، وتفسير الرازي (١٠ / ١٠٤).
(٢) سقط من ب.
(٣) في أ : رسول الله.
(٤) رواه ابن جرير (٨ / ٤٧٢) (٩٧٩٧) عن ابن جريج.