في الأمة ، وللتنازع أمر بالرد ؛ فبعيد أن يرد إلى ما لم يثبت صحته ، بل في الظاهر وجه في ظاهر الاسم باللسان ، و (١) الظاهر من التفاهم في المعتاد ؛ نحو القول بأن اغسلوا وجوهكم ، أنه بأي شيء غسل يستحق اسم الغسل (٢) في اللغة ، لكن لما يغسل به عادة في الاستعمال إلى ذلك ينصرف الخطاب ، ويصير الظاهر في المعتاد به أولى من الظاهر في اللسان ، ويكون في ذلك منع الذي ذكر حتى يوضحه دليل ، أو يعلم أنه المعتاد ؛ فيكون ذلك دليلا ، والله أعلم.
ثم لا يحتمل التنازع فيما فيه المعتاد من التفاهم والعدول عنه إلا بدليل ؛ فيجب القول لمن عدل إن كان عنده (٣) دليل ؛ فيكون بما يوجب العمل منع ، والله أعلم.
ثم قيل في قوله ـ تعالى ـ : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) بأوجه ثلاثة :
(أَطِيعُوا اللهَ) ـ تعالى ـ فيما أمر ، والرسول صلىاللهعليهوسلم فيما بلغ ، وأطيعوا الله فيما فرض ، والرسول فيما سن ، وأطيعوا الله ـ عزوجل ـ فيما أنزل ونص ، والرسول فيما بين (٤).
والأصل في معهود اللسان : أن الطاعة تكون في الائتمار ، فرسول الله صلىاللهعليهوسلم مطاع في جميع ما أمر ، لازم طاعته في ذلك وأمره ـ إذا ثبت أنه أمره (٥) ـ هو أمر الله ـ تعالى ـ وطاعته صلىاللهعليهوسلم طاعة الله ـ عزوجل ـ وله يجب به ظهور الخصوص والعموم والتناسخ جميعا ، وبه تبين الفرض والأدب وكل نوع ، وما يظهر ، فبالله ـ تعالى ـ ظهر على لسانه صلىاللهعليهوسلم : كتابا كان ، أو تنزيلا كان ، أو تأويلا ، فالتقسيم بين الذي لله ـ عزوجل ـ والذي لرسوله صلىاللهعليهوسلم يوجب الشبهة ، وتوهّم الاختلاف ، جل الله ـ عزوجل ـ أن يبعث رسولا يخالفه ، وبالله المعونة [والتوفيق](٦).
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)
يحتمل قوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ خَيْرٌ) أي : ذلك الرد خير إلى ما ذكر.
ويحتمل : (ذلِكَ خَيْرٌ) أي : الائتلاف فيما أمكن فيه خير من الاختلاف وأحمد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) أي : عاقبة (٧).
__________________
(١) في ب : أو.
(٢) في ب : الفعل.
(٣) في ب : عند.
(٤) تقدم.
(٥) في ب : أمر.
(٦) سقط من ب.
(٧) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٠٦) (٩٨٨٩) عن السدي ، و (٩٨٩٠) عن ابن زيد ، و (٩٨٨٨) عن قتادة ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣١٨) وزاد نسبته لابن المنذر عن قتادة ، وابن أبي حاتم عن السدي.