انْفِرُوا جَمِيعاً) يعني : عسكرا.
وقيل : (ثُباتٍ) يعني : فرقا (١) ، (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) : مجموعا.
وقيل : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) أي : عصبا (٢) ، (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : زحفا.
وقيل الثبات : الأثبات ، والثبة في كلام العرب الجمع الكثير ، ومعناه : انفروا كثيرا أو (٣) قليلا ، وفي ذلك دلالة الأمر بالخروج إلى العدو فرادى وجماعة ، وفرقا وجماعة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) أي : إذا استنفرتم فانفروا ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) ومعلوم أن عليهم الدفع ، فيحتمل أن يكون قوله ـ تعالى ـ : (انْفِرُوا) إذا أزّوا ؛ أي : على ما استنفرتم من جميع أو بعض ؛ فيكون في ذلك دلالة قيام البعض عن الكل على غير الإشارة إلى ذلك ، وقد يجب فرض في مجهول على كل القيام حتى يعلم الكفاية [بمن خرج ، وهو كفرائض](٤) تعرف لا تعرف بعينها ، أو حرمات تظهر لا يعرف المحرم بعينه ، فعلى من حرم عليه الإيفاء (٥) والقيام بجميع الفرائض ؛ ليخرج عما عليه ، ثم إذا غلب عليهم في التدبير الكفاية بمن خرج سقط عن الباقين ، ولو لم يكن يسقط (٦) لم يكن للإمام استنفار البعض ؛ يدل على ذلك قوله ـ تعالى ـ : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ ...) الآية [التوبة : ١٢٢] ، وقوله ـ تعالى ـ : (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) [التوبة : ١٢٣] وأصله أنه فرض لعله لا يجوز بقاؤه (٧) ، وقد زالت العلة ، على أن خروج الجميع (٨) من جهة إبداء للعورة من
__________________
ـ جميعا محكمتان ، إحداهما في الوقت الذي يحتاج فيه إلى تعين الجميع ، والأخرى عند الاكتفاء بطائفة دون غيرها.
(٦) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٣٧) (٩٩٢٩) عن ابن عباس ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٢٦) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.
(١) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٣٧) (٩٩٣٠) عن مجاهد و (٩٩٣١ ، ٩٩٣٢) عن قتادة ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٢٧) وزاد نسبته لعبد بن حميد عن مجاهد.
(٢) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٣٧) (٩٩٣٣) عن السدي ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٢٧) وزاد نسبته لأبي داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق عطاء عن ابن عباس ولابن أبي حاتم عن السدي.
(٣) في أ : و.
(٤) في ب : ممن خرج وهذا كفرائض.
(٥) في ب : الإبقاء.
(٦) في ب : سقط.
(٧) في أ : نفاده.
(٨) في ب : الجمع.