جهات ؛ فلذلك لم يحتمل تكليفه (١) بخروج الجميع من جهة استنفر منها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) قوله : (مِنْكُمْ) يحتمل وجوها :
يحتمل : في الظاهر منكم.
ويحتمل : في الحكم منكم.
ويحتمل : في الدعوى ؛ لأنهم كانوا يدعون أنهم منا ، ويظهرون الموافقة للمؤمنين ، وإن كانوا ـ في الحقيقة ـ لم يكونوا.
وقوله ـ تعالى ـ (لَيُبَطِّئَنَ) قيل : إن المنافقين كانوا يبطئون الناس عن الجهاد ويتخلفون (٢) ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً) [الأحزاب : ١٨] كانوا يسرون ذلك ويضمرونه ، فأطلع الله ـ عزوجل ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم على ذلك ؛ ليعلموا أنه إنما عرف ذلك بالله تعالى.
وفيه دلالة إثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ ...) على التقديم والتأخير [يسرّ ويفرح](٣) إذا أصابتكم (٤) مصيبة كأن لم يكن بينكم وبينه مودة ؛ لأن [كل](٥) من كان بينه وبين آخر مودة إذا أصابته نكبة يحزن عليه ويتألم ، فأخبر الله ـ عزوجل ـ أن هؤلاء المنافقين إذا أصابت المؤمنين نكبة يسرون بذلك ولا يحزنون ، كأن لم يكن بينهم مودة ولا صحبة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ) يعني : الغنيمة (٦) والفتح (٧) ،
__________________
(١) في ب : تكليف.
(٢) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٣٩) (٩٩٣٨) عن ابن جريج ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٢٧) ، وزاد نسبته لابن المنذر.
(٣) في ب : يفرح بذلك.
(٤) في الأصول : أصابتهم.
(٥) سقط من ب.
(٦) الغنيمة ـ في اللغة ـ : ما ينال الرجل أو الجماعة بسعى ، ومن ذلك قول الشاعر :
وقد طوفت في الآفاق حتى |
|
رضيت من الغنيمة بالإياب |
وتطلق الغنيمة على الفوز بالشيء بلا مشقة ، ومنه قولهم للشيء يحصل عليه الإنسان عفوا بلا مشقة «غنيمة باردة».
واصطلاحا :
عرفها الشافعية : بأنها مال أو ما ألحق به : كخمر محترمة ، حصل لنا من كفار أصليين حربيين مما ـ