بإساءته (١) إلى أخيه في طلب الهلاك له بلا معنى له.
وقوله ـ عزوجل ـ أيضا : (مَنْ يَشْفَعْ ...) الآية ، يحتمل فيما بينه وبين ربه يشفع له : بخير إليه من عفو وتجاوز ، أو يسوء إليه من لعنه أو هلاكه ، والنصيب منها بوجهين :
أحدهما : المغفرة في الأول هي برحمته أخاه وإشفاقه عليه ، أو يعطي المشفوع له الشفاعة ؛ فيكون ذلك له نصيبا منها ، وفي الثاني : يجزيه بإساءته إلى من لعنه ودعا عليه بالهلاك بلا استحقاق نفس الأول ، أو [واحدا بمثله فيه](٢) ، والله أعلم.
ويحتمل : فيما بينه وبين الناس ، ثم يكون ذلك بوجوه :
أحدها : بما يشفع إلى من بين أخاه وآخر سواء في دفع ذلك وحلت التحية أو الألفة ، أو إلى ضد ذلك يشفع في إقالة عثرة ، أو ينم (٣) بينهما ؛ لإلقاء (٤) عداوة ، أو يشفع إليه بالدلالة على ملهوف في إغاثة ، أو مظلوم في نكبة ، أو يصنع معروفا أو نكبة ، يبعث ذلك على خير أو شر ، ولا قوة إلا بالله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً).
قيل : هو الحافظ (٥) ، وهو قول ابن عباس.
وقيل : (مُقِيتاً) : حسيبا ، وقيل : شهيدا ، وقيل : (مُقِيتاً) أي : مقتدرا ، مجازيا بالحسنة والسيئة.
وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من استأكل بمسلم أكلة ـ أطعمه الله من نار جهنّم ، ومن قام بأخيه المسلم مقام سمعة ورياء ـ أقامه الله ـ تعالى ـ مقام سمعة ورياء ، ومن تتبع (٦) عورة أخيه المسلم ـ تتبّع الله عورته ، ومن تتبّع الله عورته ـ يفضحه في بيته» (٧).
وعن الفرّاء والكسائي قالا : المقيت : المقتدر (٨) ؛ من «أقات ، يقيت إقاتة».
__________________
(١) في أ : بإشارته.
(٢) في ب : أحدا بمثله.
(٣) في ب : نميم.
(٤) في ب : للإلقاء.
(٥) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٨٣) (١٠٠٢٤) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٣٦) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات.
(٦) في ب : يتبع.
(٧) الحديث له ألفاظ أخرى منها : ما أخرجه أبو داود في سننه (٢ / ٦٨٦) كتاب الأدب : باب في الغيبة (٤٨٨٠) ، وأحمد (٤ / ٤٢٠) ، والبيهقي (١٠ / ٢٤٧) من حديث أبي برزة الأسلمي ، وأخرجه الترمذي (٣ / ٥٥٤ ـ ٥٥٥) : باب ما جاء في تعظيم المؤمن (٢٠٣٢) وقال : حسن غريب ، والبغوي في شرح السنة (٦ / ٤٩٣) من حديث ابن عمر.
(٨) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٨٣) (١٠٠٢٧ ، ١٠٠٢٨) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر ٢ / ٣٣٦ ـ