نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ...) الآية [القصص : ٧٧].
ثم اختلف في المعنى الذي أوجب عليه رقبة مؤمنة.
قيل : لأنه أتلف نفسا خلقها الله ـ تعالى ـ لعبادته ؛ فأوجب مكانها نفسا [مؤمنة](١) ؛ لتعبد الله على ما عبدت تلك.
لكن التأويل لو كان هذا لكان يجب في العمد ما وجب في الخطأ ؛ لأنه وجد ذلك المعنى ، لكن أوجب لا لذلك المعنى ـ والله أعلم ـ ولكن تغليظا وتشديدا عليه لما أتلف نفسا محظورا لم يؤذن له في ذلك ؛ لئلا يقدم على مثله ، ولله أن يوجب على من شاء بما شاء لما شاء ، من غير أن يقال : لم؟ وكيف؟ وأين؟
والثاني : أوجب عليه رقبة مؤمنة ؛ لأنه أبقى له نفسا مؤمنة ؛ فعلى ما أبقى له نفسا مؤمنة أوجب عليه مثلها رقبة مؤمنة.
وفي قوله ـ تعالى أيضا ـ : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) اختلف في تأويل (٢)(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) : فمنهم من يقول بإضمار : وما كان بمتروك لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ.
[و](٣) يخرج معنى «بمتروك» على وجهين :
أحدهما : ما قاله أبو بكر الملقب بالأصم : أي بمتروك له في القصاص إلا أن يقتله خطأ. [و](٤) لكن هذا يوجب منع (٥) العفو لما به الترك ، ومعلوم أنه أمر رغب فيه ؛ حتى دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولي القتيل إلى العفو ، ثم إلى أخذ الدية ، ثم لما أبت نفسه عن (٦) ذلك أذن له في القصاص (٧) ؛ ويدل على ذلك قوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ ...) الآية [البقرة : ١٧٨] ، وقوله : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها ...) ، إلى قوله : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ...) الآية [المائدة : ٤٥] إلا أن يرجع في قوله : «بمتروك له» إلى الوجوب ، أي : لا يدفع عنه إيجاب القصاص إلا من قتل [مؤمنا](٨) خطأ ؛ فإنه ليس عليه القصاص.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) من الأصول : تأويله.
(٣) سقط من ب.
(٤) سقط من ب.
(٥) في أ : منه.
(٦) في الأصول : عند.
(٧) في ب : الاقتصاص.
(٨) سقط من ب.