تجب الدية بما لم تحرز دماؤهم بدار الحرب ، ولم تجب الكفارة بارتفاع الميثاق ، وإن كنا لا نقتلهم.
فإن كان تأويل الآية هذا (١) ـ فكان في الآية ـ أيضا ـ على تخصيص القتيل المؤمن من أهل الحرب أن لا دية فيه ، وعنها كان فهم (٢) الإجماع أن الله لو أراد الجمع بين (٣) القتيل لكان يخرج الأمر على الإبلاغ على ما في الكفارة وما فيها من صفة الإيمان ، أو على الإيجاز والتدريج فيها بالمعنى ، فالذكر في قتيل واحد كان ، فلما ذكر في قتيلين ولم يذكر في الواحد ـ دل أنه على التفريق ، وأيد ذلك أمر الصيام أنه ذكر مرة ، والحكم به يأتي على الكل ، [وعلى ذلك](٤) حق الدية مع ما بين الذي هو وصفه.
وإن كان تأويل الآية الأولى فأوجب في المعاهد بالمروي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أنه قضى في عامريّين دخلا بأمان فقتلا ـ بدية حرّين مسلمين ، وفي ذلك بيان أن الدية لم تكن وجبت بالنهي عن القتل ؛ إذ هو في الذراري والنساء قائم ، ولم تجب ، لكن بالعهد ، فإذا كان على الاتفاق في الدين والنهي فرق بينهما بالعهد ؛ فعلى ذلك أمر المسلمين على الاتفاق في الدين والنهي يفرق بينهما بمكان العهد والإحراز.
وأيد التأويل الثاني شرط الإيمان في قوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فلو لا أن الذكر يقتضي القتيل من العدو ، لم يكن ليحتاج إلى ذكر المؤمن ، وقد سبق بيان المقصود في ابتداء الآية في النهي والثنيا جميعا ، فإذا لم يذكر في أهل الميثاق فصار متروكا على ما يقتضيه ، وأيد ذلك الذي هو وصفه أن ذكر النوعين يدل على التفريق إذ ليس على حق الاقتضاء بالمعنى ، ولا على حق الإبلاغ في البيان ، وجميع الكل يخرج على [ذانك النوعين](٥) في حق الحكمة ؛ لذلك صار إلى حق التفريق.
ثم الظاهر قد يضمن الخطاب بأمرين :
أحدهما : في حق هتك الحرمة.
والآخر : في حق العوض من غير تفريق في (٦) وزن الملفوظ ، وجاء البيان للواجد (٧) ،
__________________
(١) في الأصول : هذه.
(٢) في أ : منهم.
(٣) في ب : من.
(٤) في ب : وكذلك.
(٥) في أ : ذلك اللفظين.
(٦) في أ : من.
(٧) في أ : للواحد.