ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ بعشرة آلاف.
وروي أن أبا بكر وعمر وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ قالوا : دية المعاهد دية الحر المسلم (١) ، فهذا يوهن قولهما الأول.
أو يحتمل أن يكون على الاصطلاح :
فإن قيل : روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «دية الكافر نصف دية المسلم» (٢) قيل : إن كلا الفريقين تركوا العمل بهذا الخبر ؛ لأن من يقول بأربعة آلاف لم يأخذ به ؛ لأن أربعة آلاف ثلث دية المسلم ، على قوله ؛ لأن دية المسلم الحر اثنا عشر ألفا عنده.
ومن يقول بعشرة آلاف لم يأخذ به ؛ فقد أجمعوا على ترك العمل به ؛ وذلك لما لم يثبت عندهم ـ والله أعلم ـ مع ما وصفنا في باب : قتل المسلم بالكافر ما يدل على أن ذلك واجب ، فإذن وجب قتل المسلم بالذي وجب أن تكون ديتهما سواء ، ألا ترى أن الكفارة على قاتلهما سواء.
وقوله ـ أيضا ـ : (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ...) اختلف في تأويل هذا الحرف من وجهين :
أحدهما : أن الآية في المؤمنين خاصة ، لكنهم على أقسام ثلاثة :
أحدها : على النشوء على الإيمان.
والآخر : على إحداث الإيمان في دار الحرب من أهل الحرب.
والثالث : على إحداث الإيمان من أهل الميثاق في دار العهد.
والآخر من وجهي الآية : بيان جميع ما يجب في نفسه حق إذا قتل خطأ من مؤمن قد أحرز دمه بالإيمان ، أو بالإيمان والدار ، أو بالعهد ، وفي ذلك إنما قطع الحق عن كثير ممن ينهى عن قتلهم (٣) إذا لم تتضمنهم هذه الآية ، من نحو نساء أهل الحرب والذراري ، فلم
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٩ / ٥١) (١٠١٤٤) عن أبي بكر وعثمان ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٤٨) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن الزهري.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٢ / ٦٠٣) كتاب الديات : باب في دية الذمى (٤٥٨٣) ، وابن جرير (٩ / ٥٣) (١٠١٥٨) ، والترمذي في سننه (٣ / ٨١ ـ ٨٢) باب ما جاء في دية الكفار (١٤١٣) ، بلفظ : «دية عقل الكافر : نصف دية عقل المؤمن» ، وابن أبي شيبة في مصنفه (٩ / ٢٩٤) ، وأحمد (٢ / ١٨٠ ، ٢٠٥ ، ٢١٥ ، ٢١٦) ، والبخاري في الأدب المفرد (٥٧٠) ، والبيهقي (٨ / ٢٨) ، وذكره الزيلعي في نصب الراية (٤ / ٣٦٤) وعزاه لأصحاب السنن الأربعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(٣) في ب : قتله.