وروى عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : فرض الله ـ تعالى ـ صلاة الحضر أربعا ، وصلاة السفر ركعتين ، وصلاة الخوف ركعة ، على لسان نبيكم (١).
وكذلك روى عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال : صلاة الخوف ركعة ، ركعة (٢).
وقال آخرون : إنما رخص الله ـ تعالى ـ في قصر الصلاة من أربع إذا كان الخوف ، فردها إلى ركعتين رخصة.
وقالوا ثمّ : إن رسول الله أعلمنا أن الله ـ تعالى ـ تصدق علينا أن نقصر في حال الأمن ؛ فثبت بالسنة أن القصر في غير الخوف جائز ؛ كما أجازه الله في حال الخوف.
والقصر ـ في قول هؤلاء ـ أن تردّ الأربع إلى ركعتين ، والقصر في قول الأولين أن يرد الركعتان في حال الخوف إلى ركعة.
وقال غيرهم : القصر إنما كان في حال الخوف كما قال الله تعالى. فأما الآن : فإن المسافر إذا صلى ركعتين ، فليس ذلك بقصر ؛ ولكنه إتمام بقول عمر ـ رضي الله عنه ـ حيث قال : صلاة السفر ركعتان ، تمام غير قصر على لسان نبيكم (٣).
وروي أن رجلا سأل عمر ـ رضي الله عنه ـ عن قوله ـ تعالى ـ : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، قال : وقد أمن الناس اليوم؟!. فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ : عجبت مما عجبت منه ؛ فسألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «صدقة [تصدّق الله تعالى بها](٤) عليكم فاقبلوا صدقته» (٥) ؛ فيحتمل أن يكون قوله : «صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر» ـ يريد به أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما قال : «صدقة تصدّق الله بها عليكم» ؛ [صار الفرض](٦) ركعتين وارتفع القصر ، وصارت الركعتان تماما غير قصر ؛ إذ كانتا هما
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٩ / ١٣٧) رقم (١٠٣٣٦) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٧٤) وعزاه له.
(٢) أخرجه الطبري (٩ / ١٣٨) رقم (١٠٣٤٠) ، وروى صلاة الخوف من حديث جابر : البخاريّ (٧ / ٤٢٦) كتاب المغازي : باب غزوة ذات الرقاع (٤١٣٦) ، ومسلم (١ / ٥٧٦) كتاب صلاة المسافرين : باب صلاة الخوف ، رقم (٣١١ ـ ٨٣٤).
(٣) أخرجه ابن جرير (٩ / ١٣٤) (١٠٣٢٧) عن ابن عمر ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٧٣) وعزاه لعبد بن حميد ، عن سماك الحنفي ، عن ابن عمر.
(٤) في ب : تصدقها الله.
(٥) أخرجه مسلم (١ / ٤٧) كتاب صلاة المسافرين : باب صلاة المسافرين (٤ / ٦٨٦) ، وأبو داود (١ / ٣٨٤) كتاب الصلاة : باب صلاة المسافر (١١٩٩) ، والترمذي (٥ / ٢٢٧) ، وفي التفسير : باب (٥) (٣٠٣٤) ، وابن ماجه (١ / ٣٣٩) في إقامة الصلاة : باب تقصير الصلاة (١٠٦٥) ، والشافعي (١ / ٣١١).
(٦) في أ : فرضت.