وكذلك روى في حرف حفصة : ولا يستترون من الله ، ولكن الله يطلع الناس على ما يسرون.
(وَهُوَ مَعَهُمْ) ، أي : لا يخفي عليه شيء.
وقوله : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) ـ على وجهين :
أحدهما : على نفي القدرة وإثباتها : أن لهم ذلك في الإخفاء من الناس ، وليس لهم في الإخفاء عن الله.
والثاني : على قلة المبالاة : يعلم باطلاع الله ـ تعالى ـ عليهم ، وتركهم مراقبة الله في الأمور ، واجتهادهم في ذلك عن الخلق ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) عن (١) ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) يقول : من العمل والفرية [على اليهودى](٢) بالسرقة (٣).
وقيل : يبيتون : أي يؤلفون القول فيما بينهم ، فيقولون : [يأتي](٤) به النبي ، فيقول له كذا وكذا ؛ ليدفعوا عن صاحبهم الخيانة والتهمة ، وهو طعمة ؛ على ما قيل في القصة : إنه سرق درع رجل فرماها في دار يهودى.
وقيل : إنه خبأها في دار يهودى ، فلما طلب منه حلف بالله أنه ما سرق.
وقيل : التبييت : هو التقدير بالليل (٥) ، وقد ذكرناه في قوله : (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ ...) الآية [النساء : ٨١].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً)
هو على الوعيد ؛ أي : عن علم منه (٦) يفعلون هذا ، لا عن غفلة ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [إبراهيم : ٤٢] ، لكنه يؤخره إلى يوم على علم منه ذلك ، وعلى الإعلام أن الله لم يزل عالما بما يكون منهم ، وعلى ذلك امتحنهم ، وبالله التوفيق.
__________________
(١) في ب : وعن.
(٢) في ب : لليهودى.
(٣) أخرجه ابن جرير (٩ / ١٩٢) (١٠٤١٩ ـ ١٠٤٢١) ، عن أبي رزين ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٨٧) ، وزاد نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم.
(٤) سقط من ب.
(٥) ذكره البغوي في تفسيره (١ / ٤٧٨) ، وابن عادل في اللباب (٧ / ٩).
(٦) في ب : منهم.