أي : الزوجان [إن تفرقا ؛ لما](١) لم يقدر الزوج على التسوية بينهن (يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) : المرأة تتزوج آخر ، والرجل بامرأة [أخرى](٢).
ويحتمل : (كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) أن كل واحد منهما ـ وإن كان غنيا بالآخر في حال النكاح ـ فالله قادر على أن يغني كل واحد منهما بعد الافتراق ، كما كان يرزق قبل الفراق.
وفيه دليل قطع طمع الارتزاق من غير الله ، وإن جاز أن يجعل غيره سببا في ذلك ؛ لأنه قال ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ) ؛ ليعلم كلّ أن غناه لم يكن بالآخر ؛ حيث وعد لهما الغناء ، وكذلك في قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ ...) إلى قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) [النور : ٣٢] ـ دليل قطع طمع الارتزاق بعضهم من بعض في النكاح ؛ لما وعد لهم الغناء إذا كانوا فقراء.
وفيه دليل وقوع الفرقة بينهما بالمرأة ، بالمكنى من الكلام ؛ لمشاركتهما فيه ، وإن كان الزوج هو المنفرد بالفراق ؛ لما أضاف [الفعل](٣) إليهما بقوله : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ) وكذلك قوله ـ تعالى ـ : (فارِقُوهُنَ) [الطلاق : ٢] و (سَرِّحُوهُنَ) [البقرة : ٢٣١] ، والله أعلم.
وفيه دليل لزوم النفقة في العدة ؛ لأنه ذكر الافتراق ، والفراق إنما يكون بانقضاء العدة ، ثم أخبر ـ عزوجل ـ عن غناء كل واحد منهما بالآخر قبل الفراق ؛ دل أن للمرأة غناء بالزوج ما دامت بالعدة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً)
قيل : واسعا : جودا.
وقيل : واسعا : يوسع على كل منهما (٤) رزقه ، (حَكِيماً) حكم على الزوج : إمساكا بمعروف أو تسريحا بإحسان.
وقيل : حكيما ؛ حيث حكم فرقتهما.
وأصل الحكيم : أن يضع كل شيء موضعه.
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً (١٣١)
__________________
(١) في ب : إذا تفرقا.
(٢) سقط من ب.
(٣) سقط من ب.
(٤) في ب : منهم.