أحدهما : جواز إضافة الشيء إلى الأصل الذي إليه المرجع ، وإن بعد ذلك عن الراجع إليه ؛ على التوالد والتتابع.
والثاني : أنّا لم نكن بأبداننا فيه ، وإن أضيف خلقنا إليه ؛ إذ لو كنا فيه لكنّا منه بحق الإخراج لا بحق الخلق منه. وذلك يبطل قول من يجعل صورة الإنسان في النطفة مع الإحالة أن يكون معنانا في التراب أو النطفة ؛ إذ هما من الموات الخارج من احتمال الدرك ، ونحن أحياء داركون (١) ، والله أعلم.
وقوله : (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً)
أي : فرق ، ونشر ، وأظهر منهما أولادا كثيرا : ذكورا وإناثا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)
قوله : (تَسائَلُونَ بِهِ) ، أي : اتقوا الله الذي تساءلون بعضكم من بعض ، أي : يسأل بعضكم من بعض الحوائج والحقوق به ، يقول : أسألك بوجه الله ، وبحق الله ، وبالله. ويسأل بعضكم من بعض بالرحم ، يقول الرجل لآخر : أسألك بالرّحم وبالقرابة أن تعطيني.
وقوله : (وَالْأَرْحامَ) ، روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ يقول : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ) ، واتقوا في الأرحام وصلوها (٢).
وقرئ بالنصب والخفض (٣) : (وَالْأَرْحامَ) : فمن قرأ بالنصب يقول : اتقوا الله فلا تعصوه ، واتقوه الأرحام فلا تقطعوها (٤).
ومن قرأ بالخفض يقول : اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام.
وروي في الخبر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «اتّقوا الله وصلوا الأرحام ؛ فإنّه أتقى لكم فى الدّنيا ، وخير لكم فى الآخرة» (٥). والآية في الظاهر على العظة والتنبيه.
وكذلك قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
هو على التنبيه والاتعاظ.
__________________
(١) في ب : دراكون.
(٢) أخرجه ابن جرير (٧ / ٥٢١ ، ٥٢٢) (٨٤٢٣) ، (٨٤٣١) ، (٨٤٣٢) ، وذكره السيوطي في الدر ٢ / ٢٠٦ وزاد نسبته لابن أبي حاتم.
(٣) قرأ بالنصب جمهور القراء سوى حمزة ؛ فإنه قرأ بالجر تنظر القراءة في : حجة القراءات (١٨٨) ، السبعة (ص ٢٢٦) ، إتحاف فضلاء البشر (١ / ٥٠١) ، شرح الطيبة (٤ / ١٨٩).
(٤) في ب : تعصوها.
(٥) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٠٦) وعزاه لعبد بن حميد عن ابن عباس مرفوعا.