وأما عندنا : فإن للاثنتين ما للثلاث فصاعدا ؛ فيكون بيان الحق للثلاث بيانا للاثنتين ؛ لأن الله ـ تعالى ـ جعل حق ميراث الواحدة من الأخوات : النصف ؛ بقوله : (وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) [النساء : ١٧٦] ، كما جعل حق الابنة (١) النصف إذا لم يكن معها ذكر بقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) ، ثم جعل للأختين الثلثين بقوله : (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) [النساء : ١٧٦] ، فإذا نزلت الأخوات منزلة البنات في استحقاق النصف إذا كانت واحدة ، واستحقاق الثلثين إذا كانتا اثنتين فصاعدا ؛ فعلى ذلك نزل بيان الحكم في الأختين منزلة بيان الحكم في الابنتين. قيل : يفوق اثنتين اثنتان فما فوقهما.
وقيل : بين (٢) الكتاب الاستواء [بين الابنة](٣) الواحدة والأخت الواحدة ؛ ليعلم استواء حق الولد وولد الأب ، ثم بين في الأخوات للثنتين الثلثان ، وفي البنات لما فوقهما ؛ ليكون الذكر في الأختين دليلا على الابنتين (٤) ، وفيما كثر من البنات على ما كثر من الأخوات ، وأيّد ذلك أمر الاجتماع بين البنتين والبنات ـ وإن كثروا ـ بالإخوة والأخوات ـ وإن كثروا ـ مع ما كان معلوما أن بنات الرجل أحق من بنات أبيه ؛ أيّد ذلك أن بنات ابنه قد يرثن ، وبنات ابن أبيه لا ؛ فلا يجوز أن تكون الأختان أكثر حقا من الابنتين.
وفي الأغلب أن يجعل (٥) لهن ميراث هؤلاء ، وأيد ذلك أنه ما دام يوجد في الأولاد من له فرض أو فضل ـ لم يصرف إلى أولاد الأب ؛ ثبت أنهم بمعنى الخلف من هؤلاء ، وعلى ما ذكرت جاءت الآثار ، واجتمع عليه أهل الفتوى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ)
اختلف فيه :
قال بعضهم : أراد بالولد الذكور خاصة ؛ لأنه جعل للأبوين لكلّ واحد منهما السدس إذا كان الولد ذكرا ، أما إذا كان الولد أنثى فللأب يكون الثلث.
وأمّا عندنا : فإن اسم الولد يجمع الذكور والإناث جميعا.
وبعد : فإنه إن كان الولد ـ هاهنا ـ ذكرا وأنثى ؛ فينظر :
__________________
(١) في ب : البنت.
(٢) في ب : يبين.
(٣) في ب : من البنت.
(٤) في ب : الاثنتين.
(٥) في ب : جعل.