ذكرنا](١) ؛ إذ ليس في الآية ذكر المرأة بما ذكر فيها ميراث الأولاد والأقربين ، وقد بقى حق المتاع ؛ إذ له أن يوصى لغير الورثة ، لكن ذكر في ميراث المرأة وصية ، كقوله : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً) [البقرة : ٢٤٠] من الله ، والوصية منه مكتوبة على ما للوالدين والأقربين ، ثم أشرك الزوجين في ميراث الوالدين والأقربين مما (٢) قل أو كثر ، كقوله : «النصف» و «الربع» و «الثمن» مما ترك.
وقد بينا أن الآية نسخت ما ذكرت فصارت ناسخة للأمرين جميعا ، فهذا من جهة الاستخراج في حق النسخ.
على أنه على مذهبنا : السنة كافية في بيان نسخ الحكم [الذي](٣) بينه الكتاب (٤) ؛ إذ هو بيان منتهى الحكم من الوقت ، وقد جعل الله ـ تعالى ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم بحيث البيان مما في القرآن.
وقوله ـ تعالى ـ : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء : ١١] : فيه دلالة أن المال كله للذكر من الولد إذا لم يكن ثمّة (٥) أنثى ؛ لأنه جعل للذكر مثلي ما جعل للأنثى ، وجعل للأنثى النصف إذا لم يكن معها ذكر ؛ بقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ).
فدل أن للذكر من الولد إذا جعل له مثلى ما جعل للأنثى عند الجمع ، إنما جعل له ذلك بحق الكل ، ففي حال الانفراد له الكل.
وقوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ)
قال بعضهم : بين الحق لما فوق الثنتين ، ولم يبين للاثنتين ، ولهما النصف الذي ذكر للواحدة ، وهو قول ابن عباس ، رضي الله عنه (٦).
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٢) في ب : فيما.
(٣) سقط من ب.
(٤) اختلف العلماء في جواز نسخ القرآن بالسنة : ووقوعه : فذهب جمهور المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة إلى جوازه ووقوعه ، وذهب مالك وأصحاب أبي حنيفة وابن جريج ـ إلى جوازه دون وقوعه ، وقطع الشافعي بالمنع مطلقا. ولكل فريق على مدّعاه أدلة.
ينظر في ذلك : البحر المحيط للزركشي (٤ / ١٠٩) ، البرهان لإمام الحرمين (٢ / ١٣٠٧) ، سلاسل الذهب للزركشي (٣٠٢) ، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٣ / ١٣٩) ، نهاية السول للإسنوي (٢ / ٥٧٨) ، منهاج العقول للبدخشي (٢ / ٢٥٢) ، غاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري (٨٨) ، التحصيل من المحصول للأرموي (٢ / ٢٣) ، المنخول للغزالي (٢٩٢) ، المستصفى له (١٢٤).
(٥) في ب : ثم.
(٦) ذكره الفخر الرازي في تفسيره (٩ / ١٦٦).