لله واعتصموا به ، أولئك مع المؤمنين ، وسوف يؤتى الله المؤمنين أجرا عظيما».
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) قال : لم يراءوا ، وكانت سريرتهم كعلانيتهم أو أفضل (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ)
تأويله ـ والله أعلم ـ أن ليس لله ـ عزوجل ـ حاجة في تعذيبه إياكم إن صدقتم وآمنتم ، ولكن الحكمة توجب تعذيب من كفر به ؛ وإلا ليس له حاجة في تعذيبكم ، والله أعلم.
ويحتمل أن يكون هذا في قوم أفرطوا (٢) في التكذيب ومعاندة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فظنوا أنهم إن آمنوا به وصدقوه ـ لم يغفر لهم ما كان منهم من الإفراط (٣) في التكذيب ، والتمرد وفي المعاندة ؛ فأخبر ـ عزوجل ـ أنه لا يعذبهم إن آمنوا به ـ بما كان منهم من [الكذب والعناد](٤) ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) [الأنفال : ٣٨] والله أعلم.
ثم [الشكر](٥) فيما بين الخلق (٦) ـ يكون على الجزاء والمكافأة ؛ كقوله : «من لم يشكر الناس لم يشكر الله».
وأما فيما بينهم بين ربهم : فهو على غير الجزاء والمكافأة ؛ إذ ليس في وسعهم القيام بأداء شكر أصغر نعمة أنعمها عليهم عمرهم ؛ فدل أنه ليس يخرج الأمر على ما به أمر المكافأة ؛ ولكنه يخرج على وجوه :
[الأول] : على معرفة النعم أنها منه.
والثاني : على معرفة التقصير والاعتراف بالعجز ـ عن أداء شكرها.
والثالث : ألا يستعملها إلا في طاعة ربه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً)
يقبل الإيمان بعد الجحود والتكذيب ؛ إذا تاب.
وقيل : (شاكِراً) أي : يقبل القليل من العمل إذا كان خالصا ، ليس كملوك الأرض لا يقبلون اليسير من الأشياء.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط (٣ / ٣٩٦) بنحوه.
(٢) في ب : فرطوا.
(٣) في ب : التفريط.
(٤) في ب : التكذيب والاعتقاد.
(٥) سقط من ب.
(٦) زاد في ب : على.