يكفرون بالله ، ولا يؤمنون به ، ويقولون بقدم العالم ، فذلك فيهم ، وقوله : (وَرُسُلِهِ) يكون في الذين يؤمنون بالله ويكفرون بالرسل كلهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ) :
في الذين كفروا ببعض الرسل وآمنوا ببعض الرسل ، ويقولون : نؤمن ببعض ونكفر ببعض.
ثم أخبر ـ عزوجل ـ عنهم جميعا ـ مع اختلاف مذاهبهم ـ أنهم كفار ، وحقق الكفر فيهم بقوله ـ تعالى ـ : (أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا)
ويحتمل أن يكون فيمن آمن ببعض الرسل وكفر ببعض [الرسل](١) ؛ فيكون الكفر ببعض الرسل كفرا بالله ، وبجميع رسله ، وبجميع كتبه ؛ لأن كل واحد من الرسل يدعو الخلق كلهم إلى الإيمان بالله ، والإيمان بجميع الرسل والكتب ، وإذا كفر بواحد منهم ـ كفر بالله وبالرسل جميعا ، والله أعلم.
[وقوله ـ تعالى ـ : (وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً)
أي : ويتخذون غير ذلك سبيلا ؛ على طرح إرادة «أن» ، أي : يتخذون بين ذلك ، أي : بين إيمان ببعض الرسل ، وكفر ببعض الرسل ـ دينا ؛ فذلك لا ينفعهم إذا كفروا ببعض الرسل](٢).
وقوله : (أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ).
يحتمل وجهين :
يحتمل : أولئك هو الكافرون الذين حق عليهم الكفر بالله.
والثاني : يكفرون ببعض الرسل ؛ أنهم ـ وإن كفروا ببعض الرسل ـ فقد حق عليهم الكفر بالله تعالى ؛ لأن الكفر بواحد من الرسل كفر بالله وبالرسل جميعا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً). [قوله : (مُهِيناً)](٣) : يهانون فيه.
ثم نعت المؤمنين فقال ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ).
يعني : من الرسل ، وقالوا : (آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ)
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) ما بين المعقوفين جاء في الأصول بعد قوله : «يهانون فيه» الآتى بعد قليل.
(٣) سقط من ب.