بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ...) ومن ذكر.
يحتمل ذكر إبراهيم ومن ذكر من أولاده بعد قوله : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ) ـ على التخصيص لإبراهيم ومن ذكر ؛ لأنه ذكر النبيين [من](١) بعد نوح ؛ فدخلوا فيه ، ثم خصهم بالذكر ؛ تفضيلا وتخصيصا لهم (٢).
ويحتمل أن يكون قوله ـ تعالى ـ : (وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) : الرسل الذين كانوا بعد نوح قبل إبراهيم ، ثم ابتدأ الكلام فقال : (وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ ...) ومن ذكر.
وفي حرف حفصة ـ رضي الله عنها ـ : «إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح ، وكما أوحينا إلى الرسل من بعدهم ، وكما أوحينا إلى إبراهيم» ؛ فهذا يدل على ما ذكرنا (٣) من ابتداء الذكر لهم ، والله أعلم.
والآية ترد على القرامطة مذهبهم ؛ لأنهم يقولون : الرسل ستة ، سابعهم قائم الزمان ؛ لأنه ذكر في الآية من الرسل أكثر من عشرة ؛ فظهر كذبهم بذلك ، ومخايلهم التي سول لهم الشيطان وزين في قلوبهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)
ذكر في بعض القصة : أن اليهود قالوا : ما بال موسى لم يذكر فيمن ذكر من الأنبياء ؛ فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) هؤلاء بمكة في «الأنعام» وفي غيرها ؛ لأنه قيل : إن هذه السورة مدنية.
ثم في قوله : (وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) دلائل من وجوه :
أحدها : أن معرفة الرسل بأجمعهم واحدا بعد واحد ـ ليس من شرط الإيمان بعد أن يؤمن بهم جميعا ؛ لأنه أخبر ـ عزوجل ـ أن من الرسل من لم يقصصهم عليه ، ولو كان معرفتهم من شرط الإيمان لقصهم عليه جميعا ، لا يحتمل ترك ذلك ؛ دل أنه ليس ذلك من شرط الإيمان ، والله أعلم.
والثاني : أن الإيمان ليس هو المعرفة ، ولكنه التصديق ؛ لأنه لم يؤخذ عليه عدم معرفة الرسل ، وأخذ بتصديقهم والإيمان بهم جملة.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) ينظر : البحر المحيط لأبي حيان (٣ / ٤١٣).
(٣) في ب : ذكر.