وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا).
أي : كفروا بآيات الله وحججه ، وظلموا أمر الله وتركوه.
ويحتمل قوله ـ تعالى ـ : (وَظَلَمُوا) حيث جعلوا أنفسهم لغير الله ، وجعلوا العبادة لمن دونه ، وهو إنما خلقهم ؛ ليجعلوا عبادتهم له ، فقد وضعوا أنفسهم في غير موضعها ؛ لذلك وصفهم بالظلم ؛ لأن الظلم : وضع الشيء [في](١) غير موضعه.
ويحتمل : ظلموا أنفسهم ، وإن كانوا لا يقصدون ظلم أنفسهم ؛ فإن حاصل ذلك يرجع إلى أنفسهم ؛ فكأنهم ظلموا أنفسهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ).
كأنه على الإضمار بألا يهديهم في الآخرة طريقا إلا طريق جهنم.
ويحتمل ما قال أهل التأويل ، قالوا : لا يهديهم طريق الإسلام إلا طريق جهنم : طريق الكفر والشرك هما طريقا جهنم في الدنيا ، والإسلام هو طريق الجنة في الدنيا.
وهذه الآية والآية الأولى في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون أبدا ، ويموتون على ذلك ؛ حيث أخبر أنه ـ عزوجل ـ لا يغفر لهم ، ولا يهديهم.
(خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً).
ظاهر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ)
يحتمل قوله : (بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ) : بالحق الذي لله عليكم.
ويحتمل : (بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ) بالحق الذي لبعضكم على بعض ، قد جاءكم (٢) الرسول من الله ببيان ذلك كله.
ويحتمل [قوله](٣) : (قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ) الحق الذي هو ضد الباطل ونقيضه ، وفرق بينهما ، وأزال الشبه (٤) ؛ إن لم تعاندوا ولم تكابروا.
(فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ).
لأن الذي كان يمنعهم عن الإيمان بالله حب الرئاسة ، وخوف زوال المنافع التي كانت لهم ؛ فقال : (فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ) ؛ لأن ذلك لكم في الدنيا ، والآخرة دائم لا يزول ؛ فذلك خير لكم من الذي يكون في وقت ثم يزول عنكم عن سريع.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في ب : جاء.
(٣) سقط من ب.
(٤) في ب : المشبهة.