عهود فيما بين الخلق ، أمر الله ـ عزوجل ـ بوفائها.
وعهود فيما بينهم وبين ربهم ، وهي المواثيق التي أخذ عليهم ، من نحو : الفرائض التي فرض الله عليهم ، والنذور التي يتولون هم إيجابها ، وغير ذلك ، أمر عزوجل بوفائها.
وأما العهود التي فيما بينهم من نحو : الأيمان (١) وغيرها ، أمر بوفاء ذلك إذا لم يكن فيها معصية الرب ؛ كقوله تعالى : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ...) الآية [النحل : ٩١] أمر هاهنا بوفاء الأيمان ، ونهى عن تركها ونقضها ، ثم جاء في الخبر أنه قال : «من حلف على يمين ، فرأى غيرها خيرا منها ، فليأت الّذى هو خير ، وليكفّر [عن] يمينه» (٢). أمر فيما فيه معصية بفسخها ، وأمر بوفاء ما لم يكن فيه معصية ، ونهي عن
__________________
ـ من طرف واحد أم من طرفين ، ويقولون : كل ما عقد الشخص العزم عليه فهو عقد.
هذا معنى العقد لغة وشرعا ، أما قانونا : فعلماء القانون يعرفونه بقولهم : هو توافق إرادتين على إنشاء التزام أو نقله.
وهذا المعنى القانوني مخالف للمعنى الخاص له عند الفقهاء ، وإن ساواه في التحقق.
وقد شاع عند الفقهاء استعمال العقد في معناه الخاص ؛ حتى يكاد ينفرد هو بالاصطلاح ؛ ولذا إذا أطلقت كلمة العقد تبادر إلى الذهن معناه الخاص ، أما المعنى العام فلا تنصرف إليه كلمة العقد إلا بتنبيه يدل على التعميم ؛ حتى لا يكاد يوجد فقيه يطلق كلمة العقد ويريد الطلاق أو الإعتاق أو اليمين من غير قرينة تدل على مراده.
ينظر : لسان العرب (عقد) ، (حاشية ابن عابدين) (٤ / ٥٠) ، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٣ / ٢) ، وشرح المهذب (٩ / ١٤٩).
(١) الأيمان ـ لغة ـ : جمع يمين ، وهو القوة ، وفي الصحاح : اليمين : القسم ، والجمع : الأيمن ، والأيمان.
ينظر : الصحاح (٦ / ٢٢٢١) ، والمصباح المنير (٢ / ١٠٥٧) ، والمغرب (٢ / ٣٩٩) ، ولسان العرب (٣ / ٤٦٢) ، والقاموس المحيط (٤ / ٢٨١).
واصطلاحا : عرفه الحنفية بأنه : عقد قوي به عزم الحالف على فعل شيء أو تركه.
وعرفه الشافعية بأنه : تحقيق غير ثابت ، ماضيا كان أو مستقبلا ، نفيا أو إثباتا ، ممكنا أو ممتنعا ، صادقة أو كاذبة ، على العلم بالحال أو الجهل به.
وعرفه المالكية بأنه : تحقيق ما لم يجب بذكر اسم الله أو صفته.
وعرفه الحنابلة بأنه : توكيد حكم ـ أي : محلوف عليه ـ بذكر معظم ، أو هو المحلوف به على وجه مخصوص.
ينظر : تبيين الحقائق (٣ / ١٠٧) ، شرح فتح القدير (٤ / ٢) ، مغني المحتاج (٤ / ٣٢٠) ، المحلى على المنهاج (٤ / ٣٧٠) ، حاشية الدسوقي (٢ / ١١٢) ، شرح منتهى الإرادات (٣ / ٤١٩).
(٢) هو من حديث أبي هريرة ، من رواية أبي حازم عنه ، أخرجه مسلم (٣ / ١٢٧١ ـ ١٢٧٢) كتاب الأيمان : باب ندب من حلف يمينا ، فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ، ويكفر عن يمينه ، حديث (١١ / ١٦٥٠) ، والبيهقي (١٠ / ٣٢) كتاب الأيمان : باب من حلف على يمين فرأي خيرا منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفر عن يمينه ، بلفظ : «من حلف على يمين فرأي غيرها خيرا منها ، فليأتها وليكفر عن يمينه» ، ومن رواية عبد العزيز بن المطلب عن سهيل بن أبي ـ