طعام ضارعت فيه النّصرانيّة» (١) ؛ لأنه عم فيه النصارى ؛ فدخل فيه عربهم وعجمهم ؛ لأنهم دانوا بدينهم ، وكل من دان بدين قوم فهو منهم.
ومن الدليل على أن العرب إذا دانوا بدين أهل الكتاب فهم من أهل الكتاب ـ : أن العجم لما أسلموا صار حكمهم حكم عرب أهل الإسلام ؛ فإن ارتد أحد منهم ، وسأل أن تؤخذ منه الجزية ؛ كما [كانت](٢) تؤخذ في الابتداء من (٣) المجوس ـ لم يجب إلى ذلك ، وقيل له : إما أن تسلم ، وإما أن تقتل ، فهو بمنزلة عربي مسلم لو ارتد عن الإسلام ، فلما كان حكم العجمي إذا دان بدين النبي صلىاللهعليهوسلم حكم العرب ـ وجب أن يكون حكم العربي إذا دان بدين العجم من أهل الكتاب أن يجعل حكمه حكمهم ، وبالله التوفيق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) : ذكر إيتاء أجورهن ، وقد يحللن لنا إذا لم نؤت أجورهن ؛ دل أن ذكر الحكم في حال لا يوجب حظره في حال أخرى ؛ فهو دليل لنا في جواز نكاح الإماء من أهل الكتاب ، وإن ذكر في الآية المحصنات.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ...) الآية.
أي : ومن يكفر بالذي عليه الإيمان به ، وهو المؤمن به ، أي : الله ؛ لأنه لا يكفر بالإيمان ، ولكن يؤمن به ، وهو كقوله : (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر : ٩٩] ، أي : الموقن به ؛ فعلى ذلك الأول معناه : ومن يكفر بالذي عليه الإيمان به ، وهو المؤمن به (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) ، وبالله العصمة والهداية.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
__________________
(١) أخرجه أحمد (٥ / ٢٢٦) ، وأبو داود (٢ / ٣٧٨) كتاب الأطعمة : باب في كراهية التقذر للطعام (٣٧٨٤) ، والترمذي (٣ / ٢٢٤) أبواب السير : باب ما جاء في طعام المشركين ، (١٥٦٥) ، وابن ماجه (٤ / ٣٥٦) كتاب الجهاد : باب الأكل في قدور المشركين (٢٨٣٠) ، والبيهقي (٧ / ٢٧٩) من طريق سماك بن حرب قال : سمعت قبيصة بن هلب يحدث عن أبيه قال : سألت النبي صلىاللهعليهوسلم عن طعام النصارى ؛ فقال : «لا يختلجن في صدرك طعام ضارعت فيه النصرانية». وهذا إسناد ضعيف ؛ فقبيصة بن هلب مقبول كما في التقريب. قال ابن الأثير في معنى «لا يختلجن» : أي لا يتحرك فيه شيء من الريبة والشك ، ويروى بالحاء. وأصل الاختلاج : الحركة والاضطراب». ينظر : النهاية (خلج).
(٢) سقط من ب.
(٣) في الأصول : في.