وتضمرون من العدل والجور ، خرج على الوعيد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قال بعضهم : هذه الآية [هي](١) صلة ما تقدم في قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ ...) إلى آخر ما ذكر. فإذا فعلوا ، وقاموا في الشهادة والعدل في الحكم ، كان لهم ما ذكر من الوعد ، والله أعلم. ولكن يحتمل هي على الابتداء ـ والله أعلم ـ كأنه قال : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات وعدا ، ثم بين ما في ذلك الوعد ، فقال : لهم مغفرة وأجر عظيم : يستر على ذنوبهم ، ويتجاوز عنها ، وأجر عظيم : الجنة ، قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : «لهم مغفرة في الدنيا لذنوبهم ، وأجر عظيم في الآخرة : الجنة» (٢) ، وهو ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ)
قيل : كفروا بآيات الله وكذبوا بآياته ، يعني : محمدا صلىاللهعليهوسلم والقرآن ، (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ).
وقيل : (كَفَرُوا) بتوحيد الله ، (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) : بالقرآن بأنه ليس من الله تعالى ، وهما واحد ؛ وهذا يدل أن الآية على الابتداء خرجت ، ليس على الصلة على ما قالوا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ)
يحتمل أن تكون هذه المنة التي ذكر الله ـ تعالى ـ في هذه الآية من كف أيدي الأعداء عنهم ، بعد ما بسطوا إليهم أيديهم في جملة المؤمنين ؛ لأن المؤمنين كانوا في ابتداء الأمر مختفين (٣) فيما بين الكفرة ، لا يقدرون على إظهار الإسلام وإعلانه ، وقد هموا قتل المؤمنين غير مرة ، وفيما كف أيديهم عنهم منة عظيمة علينا وعليهم وعلى جميع المسلمين.
ويحتمل أن يكون في قوم خاص قد أحاطوا بهم ، وبسطوا أيديهم إليهم ، وهموا بقتلهم ؛ فكف الله ـ عزوجل ـ بفضله أيديهم عنهم ، وأنقذهم من أيديهم.
ثم اختلف فيه :
عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : «همّ بنو قريظة أن يبسطوا إليهم أيديهم بالقتل ؛
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) وقاله أيضا سعيد بن جبير ، أخرجه عنه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٥ / ٣٦).
(٣) في ب : مخيفين.