وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : «وعزرتموهم : أعنتموهم» ، يعني : الأنبياء ، عليهمالسلام (١).
(وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً)
أي : صادقا من كل أنفسكم ، ابتغى به وجه الله.
وقال بعضهم](٢) : (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) أي : محتسبا طيبة بها نفسه.
ويحتمل قوله : (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) ، أي : اجعلوا عند الله لأنفسكم أيادي ومحاسن ؛ تستوجبون بذلك الثواب الجزيل ، ثم قال : (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ)
وعد لهم تكفير ما ارتكبوا من المآثم إذا (٣) قاموا بوفاء ما أخذ الله عليهم من المواثيق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)
قال بعضهم : فمن كفر بعد ذلك ، أي : بعد المواثيق والعهود التي أخذ عليهم (٤).
ويحتمل قوله : (فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ) ، أي : من كفر ، (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) ، أي : أخطأ قصد السبيل.
وقوله ـ تعالى ـ : (فَبِما نَقْضِهِمْ)(٥)
أي : فبنقضهم ، قيل : ما زائدة ، فبنقضهم ميثاقهم.
(لَعَنَّاهُمْ)
يحتمل : (لَعَنَّاهُمْ) ، أي : طردناهم ، والملعون : هو المطرود عن كل خير.
ويحتمل (لَعَنَّاهُمْ) ، أي : دعونا عليهم باللعن.
(وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً)
بما نزع منها الرحمة والرأفة ؛ إذا نقضوا العهود وتركوا أمر الله ؛ لأن الله ـ تعالى ـ
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٢ / ٤٧٣).
(٢) ما بين المعقوفين سقط من أ.
(٣) في ب : ثم إذا.
(٤) أخرج بن المنذر عن الضحاك في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ...) الآية [النساء : ١٣٦]. قال : يعني بذلك أهل الكتاب : كان الله قد أخذ ميثاقهم في التوراة والإنجيل ، وأقروا على أنفسهم بأن يؤمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، فلما بعث الله رسوله ، دعاهم أن يؤمنوا بمحمد والقرآن ؛ فمنهم من صدق النبي صلىاللهعليهوسلم واتبعه ، ومنهم من كفر. ينظر : كما في الدر المنثور (٢ / ٤١٤ ، ٤١٥).
(٥) قال القاسمي (٦ / ١٣٣) : وفي هذا دليل على تأكيد الميثاق وقبح نقضه ، وأنه قد يسلب المبعد من المعاصي ويورث النسيان ؛ ولهذا قال ـ تعالى ـ : (وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) [المائدة : ١٣] وعن ابن مسعود : قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية. ا ه.