(يُبَيِّنُ لَكُمْ) ما كان عليه الأنبياء والرسل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ)
قيل : على انقطاع من الرسل من لدن إسرائيل إلى عيسى ـ عليهالسلام (١) ـ لأنه قيل : إنه كان رسول على أثر رسول : لم يكن بين رسولين انقطاع ؛ فأخبر ـ عزوجل ـ أنه بعث محمدا صلىاللهعليهوسلم على حين فترة من الرسل.
وقيل : (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) ليس على انقطاع منهم ؛ ولكن على ضعف أمور الرسل ودروس آثارهم (٢) ، وهو من الفتور ، يقال : فتر يفتر فتورا. يخبر ـ والله أعلم ـ أنه إنما بعث الرسول بعد ما درس آثار الرسل ، وضعف [أمورهم] ووقع فيما بينهم اختلاف للضعف ؛ ليبين لهم ما ذكر : (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ)(٣).
يقطع احتجاجهم بذلك ، وإن لم يكن لهم في الحقيقة احتجاج ، وهو كما قال : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) [النساء : ١٦٥] ، وكقوله : (أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) [الأعراف : ١٦٩].
بشير بالجنة [لمن أطاع](٤) ، ونذير بالنار لمن عصاه.
فقد جاءكم بشير ونذير. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
يحتمل : (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من بعث الرسل على فترة منهم ، وإحياء ما درس من آثار الرسل ، وما ضعف من رسومهم ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠) يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١) قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (٢٢) قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣) قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤) قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥)
__________________
(١) قال بنحوه قتادة ، أخرجه عنه الطبري (٤ / ٥٠٧) ، رقم (١١٦٢٠) ، وعبد بن حميد وابن المنذر ، كما في الدر المنثور (٢ / ٤٧٧).
(٢) ينظر : تفسير الرازي (١١ / ١٥٣).
(٣) زاد في ب : أي لا يقولوا : ما جاءنا من بشير ولا نذير.
(٤) سقط من ب.