إليه ؛ لما بنصره ومعونته قتلوا ورموا ؛ فعلى ذلك الأول ـ والله أعلم ـ أضيف إليه ؛ لما بمعونته ونصره يقاتلون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)
أي : ليس يريد به القعود نفسه ، ولكن ـ والله أعلم ـ إنا هاهنا منتظرون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ...) [الآية](١) يحتمل وجهين :
يحتمل : أني لا أملك في الإجابة والطاعة لك إلا نفسي [وأخي ـ أيضا ـ](٢) لما عرفت بالعصمة التي أعطيت له أن يجيبنى ويطيعنى في ذلك ، وأما هؤلاء : فإني لا أملك إجابتهم ولا طاعتهم ، (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ).
ويحتمل : (إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) لا يملك ـ أيضا ـ إلا نفسه ؛ على الإضمار ؛ لأنهما كانا جميعا رسولين مأمورين بتبليغ الرسالة بقوله ـ تعالى ـ : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ...) الآية [طه : ٤٤].
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)
قال قائلون : إنما طلب موسى ـ عليهالسلام ـ الفرقة بينه وبين الذين أبوا الدخول فيها ، وقالوا : (لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً).
وقال قائلون : إنما طلب [موسى](٣) الفرقة بينهم وبين الجبابرة الذين كانوا في الأرض ، التي أمروا بالدخول فيها والقتال معهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً ...) الآية.
قوله تعالى : (مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) : من الحرمان والمنع ، هو ـ والله أعلم ـ ليس على التحريم ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ) [القصص : ١٢] ليس هو من التحريم الذي هو تحريم حكم ، ولكن من المنع والحرمان ؛ فعلى ذلك الأول ، والله أعلم.
وقال قائلون : محرمة عليهم أبدا لم يدخلوها حتى ماتوا ، لكن ولد لهم أولاد ؛ فلما ماتوا هم دخل أولادهم ؛ لأنهم قالوا : (لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً)(٤).
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في ب : وَأَخِي وأملك أخى أيضا.
(٣) سقط من ب.
(٤) قاله قتادة ، أخرجه عنه الطبري (٤ / ٥٢٤) ، رقم (١١٦٩٩) ، وابن المنذر كما في الدر المنثور (٢ / ٤٨١).