ومضيعا حقا لغيره ، ومن كان هذا سبيله لم يكن يستوجب كل هذا الثناء من الله تعالى ؛ فهذا ينقض على الروافض قولهم وما روي : «من كنت مولاه فعلىّ مولاه» (١) وغيره من الأخبار ، وذلك في الوقت الذي طلب علي ـ رضي الله عنه ـ الخلافة وحارب عليها ؛ لأنه لا يحتمل أن يعلم أن له الخلافة في زمن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ويرى الحق لنفسه ، ثم يترك طلبها ؛ لأنه كان مضيعا حق الله عليه ؛ فدل سكوته وترك طلبه على أن الحق ليس له ، ولكن كان لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
أي : للمؤمنين ، أي : ذوو (٢) رحمة ورأفة للمؤمنين.
(أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ)
أي : شاقة شديدة على الكافرين ، وهو ما وصفهم ، عزوجل : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح : ٢٩] الآية ، بذلك وصفهم عزوجل.
وقوله : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) اختلف فيه :
قال بعضهم : ذلك الجهاد في سبيل الله ، أي : في طاعة الله (فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) ، وقيل : ذلك الإسلام (فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ).
(وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)
قد ذكرنا هذا في غير موضع.
قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ...) الآية.
قال بعض أهل التأويل : قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) هو صلة قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [وكذلك قوله ـ تعالى ـ](٣) : (لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ) [المائدة : ٥٧] هو صلة ما تقدم [ذكره](٤) : نهى المؤمنين أن يتخذوا الذين أوتوا
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٣٧١٣) ، وأحمد (٤ / ٣٧٠) ، والنسائي في خصائص على (ص ـ ١٥) ، وابن حبان (٢٢٠٥) ، والحاكم (٣ / ١٠٩) ، وابن أبي عاصم في «السنة» (١٣٦٥ ، ١٣٦٦ ، ١٣٦٧ ، ١٣٦٨) ، والطبراني في الكبير (٤٩٦٨ ، ٤٩٦٩ ، ٤٩٧٠) من حديث زيد بن أرقم ، وقال الترمذي : حسن صحيح.
(٢) في أ : ذو.
(٣) في ب : وقوله.
(٤) سقط من ب.