الكتاب ، والذين لم يؤتوا الكتاب أولياء في غير آي من القرآن ، وأخبر أن الله ورسوله هو ولي الذين آمنوا ، والمؤمنون ـ أيضا ـ بعضهم أولياء بعض [كما في] قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [التوبة : ٧١] ، فإذا كان الله ـ عزوجل ـ ورسوله والذين آمنوا أولياء لمن آمن ـ لم ينبغ أن يتخذوا الكفار أولياء.
وذكر في بعض القصة أن عبد الله بن سلام قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : إن اليهود أظهروا لنا العداوة من أجل إسلامنا ، وحلفوا ألا يكلمونا ، ولا يخالطونا في شيء ، ومنازلنا فيهم ، وإنا لا نجد متحدثا دون هذا المسجد ؛ فنزلت الآية ـ فقالوا : قد رضينا بالله وبرسوله والمؤمنين أولياء.
ثم اختلف في نزوله :
قال بعضهم : نزلت في شأن علي ـ رضي الله عنه ـ تصدق بخاتمه وهو في الركوع (١).
ويقولون : خرج النبي صلىاللهعليهوسلم فإذا هو بمسكين ، فدعاه النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «هل أعطاك أحد شيئا» ، قال : نعم [يا رسول الله](٢) ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما ذا؟» قال : خاتم فضة؟ قال : «من أعطاك؟» قال : ذلك الرجل القائم ـ يعني : عليا ـ قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «على أي حال أعطاكه؟ قال : أعطانيه وهو راكع ؛ فكبر النبي صلىاللهعليهوسلم ودعا له وأثنى عليه (٣). فاحتج الروافض بهذه الآية على تفضيل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ على أبي بكر وإثبات الخلافة له دون غيره.
ويقولون : نزلت في شأنه ـ رضي الله عنه ـ لما روي عن أبي جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال : «تصدق علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ بخاتمه وهو راكع ؛ فنزل : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(٤)
فيقال لهم : هب أن الآية نزلت في شأنه ، وليس فيها دلالة إثبات الخلافة له في زمن
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٤ / ٦٢٨ ـ ٦٢٩) (١٢٢١٥) عن السدي ، (١٢٢١٨) عن عتبة بن أبي حكيم ، (١٢٢١٩) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٥١٩) ، وعزاه للخطيب في المتفق والمفترق وعبد الرزاق وعبد بن حميد وأبي الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس ، وللطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عمار بن ياسر ، ولابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن عساكر عن سلمة بن كهيل ، وابن جرير عن مجاهد ، والسدي ، وعتبة بن أبي حكيم.
(٢) سقط من ب.
(٣) أخرجه الطبري (١٢٢١٥) عن السدي ، وبرقم (١٢٢١٦) عن أبي جعفر ، وبرقم (١٢٢١٩) عن مجاهد. وأخرجه الخطيب في المتفق والمفترق ، كما في الدر المنثور (٢ / ٥١٩) عن ابن عباس ، وله طرق أخرى كثيرة. ينظر : الدر المنثور (٢ / ٥١٩ ـ ٥٢٠).
(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٢ / ٣٨٣).