عليّا ـ رضي الله عنه ـ كان خليفة رسول (١) الله صلىاللهعليهوسلم؟! قيل : لهذا جوابان :
أحدهما : أن قوله : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» يحتمل أن يكون في الأخوة التي كان آخاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وليس في إثبات الأخوة إثبات الخلافة له.
والثاني : أنه كانت له الخلافة في الوقت الذي كان هو ، وليس في الخبر جعل الخلافة له في الأوقات كلها وهكذا جواب ما روي عنه : «من كنت مولاه فعلىّ مولاه» (٢) ، والله أعلم.
ثم إن كان الحديث الذي روي عن أبي جعفر ـ رضي الله عنه ـ صحيحا ؛ ففي الآية معنيان :
أحدهما : فضيلة علي ـ كرم الله وجهه ـ وقد كان كثير الفضائل ، مستكملا خصال الخير.
والآخر : أن العمل اليسير في الصلاة لا يفسدها ، وقد روي في بعض الأخبار عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه خلع نعله في الصلاة ، وأنه مس لحيته ، وأنه أشار بيده ، وغير ذلك من العمل اليسير فعله في صلاته ؛ فيقاس كل عمل يسير على ما دل عليه الخبر على جواز الصلاة.
وفيه وجه آخر : وهو أن الصدقة التطوع تسمى زكاة ؛ لأن صدقة علي ـ رضي الله عنه ـ بالخاتم لم تكن صدقة مفروضة ، بل كانت تطوعا ؛ فسماها الله زكاة وإن كانت تطوعا ؛ ألا ترى أنه قال في آية أخرى : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) [الروم : ٣٩] ، فسماها [الله](٣) زكاة ، وإن كانت تطوعا ؛ كما تسمى صلاة الفرض والتطوع : صلاة ، وصوم التطوع والفرض : صياما ؛ فعلى ذلك هذا.
وظاهر الآية في جملة المؤمنين ، [و] ليس علي ـ رضي الله عنه ـ أولى بها من غيره ، فإن كان فيه نزل ، فهو ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ).
ظاهر هذا لو صرف إلى أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ كان أقرب ؛ لأنه كان هو الغالب على أهل الردة من أول ما وقع بينهم إلى آخره ، وعلي ـ رضي الله عنه ـ إنما صار الأمر له في آخره حين حارب الخوارج ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً ...) إلى آخره
__________________
(١) في ب : الرسول.
(٢) تقدم.
(٣) سقط من ب.