بعبادتكم غير الله.
ويحتمل : (السَّمِيعُ) المجيب لدعائكم ، (الْعَلِيمُ) بنياتكم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِ).
خاطب الله ـ عزوجل ـ بالنهي عن الغلو في الدين أهل الكتاب ، لم يخاطب أهل الشرك بذلك فيما خاطب بقوله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) [النساء : ١٧١] ؛ وذلك أن أهل الكتاب ادعوا أنهم على دين الأنبياء والرسل [الذين](١) كانوا من قبل ، فنهاهم الله ـ عزوجل ـ عن الغلو في الدين. والغلو : هو المجاوزة عن الحد الذي حد ، والإفراط فيه والتعمق ؛ فكأنه ـ والله أعلم ـ قال : لا تجاوزوا في الدين الحد الذي حد فيه بنسبة الألوهية والربوبية إلى غير الله والعبادة له.
وأما أهل الشرك : فإنهم يعبدون ما يستحسنون ، ويتركون ما يستقبحون ، ليس لهم دين يدينون به.
وأما هؤلاء : فإنهم يدّعون أنهم على دين الأنبياء والرسل ؛ لذلك خرج الخطاب لهم بذلك ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ) : يعني : الرؤساء بذلك ، والله أعلم.
[(وَأَضَلُّوا كَثِيراً) : أي : أتباعهم. (وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) : أي : عن قصد طريق الهدى](٢).
قوله تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩) تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٨١) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في ب : وأضلوا أتباعهم ، وضلوا عن قصد طريق الهدى.