بغيره ؛ ثبت أن وجوب ذلك بحق النذر ؛ فلذلك يجب الوفاء به ، والله أعلم.
ثم الأصل في ذلك أن الحلف (١) بغير الله يكون على قسمين :
قسم : ألا يجب فيه شيء.
وقسم : أنه لو وجب لوجب المسمى ، نحو : الطلاق ، والعتاق فيما يجب ، فلما كان في الحلف بالقرب في الذمة وهو حلف بغير الله ـ تعالى ـ يجب به شيء يجب أن يكون الواجب في ذلك ما أوجب ، والله أعلم.
ثم اختلف في معنى اللغو :
فقال قوم : هو الإثم (٢) ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً) [الواقعة : ٢٥] ، وقوله ـ تعالى ـ : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً) [مريم : ٦٢].
ثم اختلف من قال بهذا على قولين :
أحدهما : أنه لا يؤاخذ بالإثم في أيمانكم التي لم تعتقدوها ، لكنها جرت على اللسان ، وبمثل ذلك روي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : هو قول الرجل : «لا والله ما كان كذا» (٣) ؛ وبه قال أبو بكر الكيساني في تفسيره ، وأيد ذلك قوله : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) [البقرة : ٢٢٥] ؛ دل أن الأول بما يجري على اللسان دون ما يقصده قلبه ، والله أعلم.
والثاني : ألا يؤاخذ بترك المحافظة فيما كان في المحافظة مأثم ؛ دليله : صلة ذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ...) الآية ؛ فكأنهم تحرجوا (٤) عن ترك المحافظة فيما سبقت منهم الأيمان قبل النهي بقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) [النحل : ٩١] ؛ فنزل قوله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ) في بعض أيمانكم إذا كان حفظها مأثما ، وذلك نحو ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من حلف على يمين فرأى
__________________
ـ الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه ؛ فقال : «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ؛ من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت».
(١) في أ : المحلف.
(٢) قال الحافظ ابن حجر (٩ / ١٥٧) : وفسرت عائشة لغو اليمين بما يجري على لسان المكلف من غير قصد. وقيل : هو الحلف على غلبة الظن. وقيل : في الغضب. وقيل : في المعصية.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ (٢ / ٤٤٧) ، رقم (٩) ، والبخاري (٩ / ١٥٧) كتاب التفسير : باب قوله : لا (يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) [المائدة : ٨٩] (٤٦١٣) ، و (٣ / ٣٩٨) كتاب الأيمان والنذور : باب (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) (٦٦٣) عن عائشة رضي الله عنها ـ : أنزلت هذه الآية : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) في قول الرجل : لا والله ، وبلى والله.
(٤) في أ : يخرجون.