أهلها ، ولا يكون ذلك في غير حال الضرورة](١) ؛ فدل ذكره في غير حال الضرورة على أن ذلك كالمذكور في حال الضرورة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ)(٢)
اختلف أهل العلم فيما يجب من المثل :
فقال قوم : في الظبي (٣) شاة ، وفي النعامة (٤) : [بدنة](٥) ، وفي الحمار [الوحشي](٦) : بقرة (٧) ، وأشباه ذلك.
وقال آخرون : المثل : قيمة الصيد ، يقومه عدلان فيوجبان قيمته دراهم ، فيشتري بتلك الدراهم شاة ، أو يجعله طعاما ، فيتصدق به : على كل مسكين نصف صاع ، أو يصوم عن كل نصف صاع يوما.
وقال غيرهم : إن بلغ دما ـ ذبح شاة ، وإن لم يبلغ دما : يتصدق (٨) به.
وأما قولنا : إن المثل هو القيمة ، لا المثل في رأي العين : ذهبنا في ذلك إلى وجوه :
أحدها : أن المحرم إذا (٩) أصاب صيدا في هذا الوقت ـ حكم بجزائه حكمان ؛ فلو كان مثل الظبي شاة في كل الدهور والأوقات ـ كان في جعلنا ما تقدم من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم والسلف من الحكم في ذلك كافيا لا يحتاج إلى حكم غيرهم ؛ فدل إجماعهم على أن حكم الحكمين باق ، على أن المثل غير مؤقت ؛ بل هو مختلف على قدر الأزمنة والمواضع والأوقات ، وإذا جعلنا المثل قيمة كانت الحاجة إلى الحكمين قائمة ، وإذا جعلناه هديا فالحاجة إليهما زائلة ، ولا يجوز أن يعطل أمر الحكمين وقد ذكره الله في
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٢) قال القاسمي (٦ / ٣٧٣) : قال الحاكم : كما دلت الآية على الرجوع إلى ذوي العدل في المماثلة.
ففي ذلك دلالة على جواز الاجتهاد وتصويب المجتهدين. وجواز تعليق الأحكام بغالب الظن.
وجواز رجوع العامي إلى العالم ، وأن عند التنازع في الأمور يجب الرجوع إلى أهل البصر ... انتهى.
(٣) جنس حيوانات من ذوات الأظلاف والمجوفات القرون ، أشهرها : الظبي العربي ، ويقال له : الغزال الأعفر. ينظر : الوسيط (١ / ٥٧٥).
(٤) النعامة : بفتح النون مخففة ، قال الجوهري : النعامة : من الطير ، تذكر وتؤنث ، والنعام : اسم جنس ، كحمامة وحمام.
ينظر : المطلع (ص ١٧٩).
(٥) سقط من ب.
(٦) في ب : حمار الوحش.
(٧) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٥٨٠) ، وعزاه لابن أبي شيبة عن عطاء.
(٨) في ب : تصدق.
(٩) في ب : لو.