فعندنا : أن ذكر الحرمة في الأمهات والبنات ذكر في الجدات وإن علون ، وفي بنات البنات وإن سفلن ؛ لأنه ذكر الحرمة في العمات والخالات ، والعمات من ولد الجدّ ، والخالات من ولد الجدات ، فإنما ذكرت في الأولاد الحرمة ، ثبت حرمة الجدات والأجداد ، وكذلك ذكر الحرمة في الأخوات وبنات الأخوات ، فالحرمة في بنات الأخ والأخوات لحرمة في الأخوات والإخوة ، فعلى ذلك ذكر في الأمهات ذكر الحرمة في البنات وبنات البنات ، لما ذكرنا.
أو [أن](١) يقال : إن بنات البنات بنات وإن سفلن ، فدخلن في ذكر الحرمة نصّا ، وكذلك أم الأم [أمّ] وإن علت ، فدخلت في الخطاب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ)
ذكر الأمهات من الرضاعة والأخوات ، ولم يذكر البنات ، قال بشر : إنما لم يذكر البنات من الرضاعة ؛ لأنه لا يمكن من الرضاعة البنات ؛ لذلك لم يذكر ، وذلك اختلاف بيننا وبينه في لبن الفحل ، فعندنا لبن الفحل محرم ، وعند بشر لا يحرم لبن الفحل ، ذكر الله ـ سبحانه وتعالى ـ الحرمة في النسب بيننا وبيّن بيان إحاطة وحقيقة ، وذكر الحرمة في الرضاع ، وبين بيان كفاية لا بيان إحاطة ؛ فإما أن [تركه](٢) للاجتهاد والاستنباط من المذكور ، وقد أجمعوا جميعا أن بنات الإخوة والأخوات من الرضاع كالذكر في أولادها ؛ فعلى ذلك يجب أن يكون ذكر الحرمة في الأمهات من الرضاعة ذكرا في بناتها ، أو ترك بيان ذلك للسنة : روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب» (٣) ، وما روي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : جاء عمّي من الرضاعة ، فاستأذن علىّ ، فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسألته [عن ذلك](٤)؟ فقال : «إنّه عمّك ، فأذنى له» فقلت : يا رسول الله ، إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل؟! فقال [رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٥) : «إنّه عمّك ، فليلج عليك» فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : وذلك بعد أن ضرب علينا الحجاب (٦).
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في ب : ترك ذلك.
(٣) أخرجه البخاري (١٠ / ٤٢٣) في النكاح : باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع (٥٢٣٩) ، ومسلم (٢ / ١٠٧١) في الرضاع : باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة (١٤٤٦).
(٤) سقط من ب.
(٥) في ب : عليهالسلام.
(٦) أخرجه البخاري (٥ / ٥٨٠) في الشهادات : باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت القديم (٢٦٤٦) ، ومسلم (٢ / ١٠٦٨) في الرضاع : باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة ، (١٤٤٤). والبيهقي في سننه الكبرى (٧ / ٤٥١).